هكذا تسلحت ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية

مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار الرايخ الثالث (Third Reich) خلال شهر أيار/مايو 1945، اتفق الحلفاء على جعل ألمانيا، ما بعد الحرب، دولة منزوعة السلاح، خوفا من إمكانية تجدد سيناريو الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى وعودة القوميين المتشددين للسلطة مرة أخرى.

إلى ذلك، فرضت الحرب الباردة التي ظهرت بين المعسكرين الغربي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والشرقي، بقيادة الاتحاد السوفيتي، واقعا جديدا دفع بالحلفاء الغربيين للبحث في إمكانية السماح للقسم الخاضع لنفوذهم من ألمانيا، أي ألمانيا الغربية، بإعادة تسليح نفسه لمواجهة تهديدات محتملة ومؤازرة حلف شمال الأطلسي في حال نشوب صراع ضد الاتحاد السوفيتي.

التحاق ألمانيا الغربية بالناتو

حسب خطة مورغنتاو (Morgenthau) التي أعدت عام 1945، اقترح الحلفاء تجريد ألمانيا من سلاحها وإعادتها لمرتبة دولة غير صناعية عن طريق حرمانها من مصانع السلاح وتفكيك جميع مجمعاتها الصناعية التي قد تستخدم مستقبلا في الصناعة الحربية. ومع إمكانية تفشي الفقر والجوع وتدهور الظروف المعيشية بالمناطق القابعة تحت سيطرتهم، تخوّف الحلفاء الغربيون من إمكانية التحاق الجزء الغربي من ألمانيا بالمعسكر الشرقي بحثا عن مستقبل أفضل. وأمام هذا الوضع، فكّر الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون في حل بديل لتخفيف وطأة ما جاء بخطة مورغنتاو.

مع نجاح التجربة النووية السوفيتية أواخر آب/أغسطس 1949 واندلاع الحرب الكورية عام 1950، تخوّف الحلفاء الغربيون من إمكانية حدوث سيناريو مشابه لذاك الذي حصل بشبه الجزيرة الكورية قد تقدم خلاله ألمانيا الشرقية، بدعم سوفيتي، على غزو جارتها الغربية.

وأمام تردد فرنسي بريطاني لفكرة عودة ألمانيا لسياسة التسلح السابقة، اقترح السيناتور الأميركي إلمر توماس (Elmer Thomas) ضم ألمانيا الغربية لاتفاقية أمنية جماعية وتزويدها بسلاح أميركي بدل السماح لها بالعودة للتصنيع العسكري.

إلى ذلك، اتجه المستشار الألماني كونراد أديناور (Konrad Adenauer) لاستغلال عروض التسلح الغربية أملا في استعادة ألمانيا الغربية لسيادتها. وبعد مشاورات وخلافات استمرت لأشهر عديدة وتميزت بالرفض الفرنسي للاتفاقيات العسكرية مع الألمان، التحقت ألمانيا الغربية رسميا بحلف شمال الأطلسي عام 1955.

جيش من نصف مليون عسكري

في الأثناء، لم تمتلك كل من ألمانيا الغربية وجارتها الشرقية قوات عسكرية نظامية وامتلكت في المقابل أعدادا هامة من قوات شرطة شبه عسكرية تكفلت أساسا بمهام حفظ الأمن والمراقبة. وبعيدا عن قوات الفيرماخت (Wehrmacht) التي اعتمد عليها النازيون بالحرب العالمية الثانية، تأسست خلال الأشهر الأخيرة من العام 1955 قوات البوندسفير (Bundeswehr)، أي الجيش الألماني الغربي، التي تسلحت أساسا اعتمادا على برامج المساعدات الأميركية.

من ناحية أخرى، وافق الأميركيون على تزويد البحرية الألمانية الغربية بالسفن الحربية التي استولوا عليها من الرايخ الثالث، أي ألمانيا النازية، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية كما سمحوا لجنود البحرية الألمانية بالتدرب على السفن الأميركية.

وأملا في امتلاك قوة عسكرية فاعلة بحلف الناتو تتجاوز تلك التي امتلكتها إيطاليا، اتجهت ألمانيا الغربية لبعث جيش قوامه نصف مليون عسكري. وسعيا لبلوغ هذا الرقم، تحوّل أفراد حرس الحدود الألمان لعسكريين بالبوندسفير كما تم إقرار برنامج خدمة عسكرية للشباب.

بفضل هذا البرنامج العسكري، حصلت ألمانيا الغربية على دور فاعل بالساحة السياسية لأوروبا الوسطى. كما عبر الاتحاد السوفيتي عن قلقه من هذا الأمر واتجه لزيادة دعمه العسكري لدول المعسكر الشرقي تزامنا مع ظهور حلف وارسو.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: