قبل إقرار التعديل الدستوري الخامس والعشرين بالولايات المتحدة الأميركية، امتلك الأميركيون جملة من الإجراءات التي حالت دون شغور منصب الرئيس في حال تعرض الأخير لطارئ جعله غير قادر على ممارسة لمهامه. إلى ذلك، كانت هذه الإجراءات مبهمة وغير مقننة بقانون أو نص دستوري يضمن التداول السلمي على السلطة.
وعلى حسب النصوص الأولى بالدستور، سمح لنائب الرئيس باستلام مهام الرئيس في حال وفاة أو مرض أو استقالة الأخير. وفي مقابل ذلك، لم يحدد الدستور بتاتا الطرف القانوني القادر على إعلان عجز الرئيس عن مباشرة مهامه، كما لم يوضح بشكل قاطع طريقة عمل نائب الرئيس عند استلامه للرئاسة خالقا بذلك أزمة أخرى حول موضوع مكتب الرئيس.
من جهة ثانية، لم يحدد الدستور الأميركي طريقة لتعيين نائب جديد للرئيس في حال استلام النائب السابق لمهام الرئاسة، حيث اكتفى النص القانوني حينها بكلمات دعت الكونغرس لتعيين الشخصية الملائمة لاستلام الرئاسة.
التعديل العشرون للدستور
وعام 1792، دخل الكونغرس الأميركي على الخط فمرر قانون التعاقب على السلطة واضعا بذلك كلا من الرئيس المؤقت بمجلس الشيوخ والناطق باسم مجلس النواب على قائمة المرشحين المحتملين لخلافة الرئيس في حال شغور منصبي الرئيس ونائب الرئيس بآن واحد.
وبحلول سنة 1886، فضّل الكونغرس إعادة تنظيم الأمور فلجأ لإلغاء تسمية المسؤولين بغرفتيه من قائمة الشخصيات القادرة على خلافة الرئيس محبذا في مقابل ذلك اختيار شخص آخر من الحكومة ذو خبرة بمجال السياسة والعلاقات الدولية.
وبعد أكثر من نصف قرن، مرر الكونغرس سنة 1943 التعديل الدستوري العشرين فاتحا بذلك الطريق بشكل قانوني لنائب الرئيس لنيل صلاحيات الرئيس في حال عدم قدرة الأخير على مزاولة مهامه، كما اتجه أيضا بعد 4 سنوات فقط لإعادة تفعيل القوانين السابقة التي أعادت كلا من الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ والناطق باسم مجلس النواب على خط خلافة الرئيس.
ثغرات وخرق للقانون
إلى ذلك، كانت أغلب هذه القوانين والتعديلات الدستورية، التي سبقت التعديل الخامس والعشرين، مبهمة وتركت ثغرات عديدة في حال شغور منصب الرئيس.
فعام 1841، أصبح وليام هاريسون (William Harrison) أول رئيس يموت أثناء فترته الرئاسية ليخلفه بذلك نائبه جون تيلر (John Tyler). وأمام هذا الوضع، فضّل تيلر الذهاب لأبعد ما يمكن بسبب غياب النص القانوني، فانتقل نحو البيت الأبيض وأدى القسم رئيسا للبلاد حاصلا بذلك على كامل الصلاحيات الرئاسية، كما عمد أيضا لإلقاء خطاب افتتاحي مثيرا بذلك جدلا واسعا خاصة بين أعضاء الكونغرس الذين قبلوا بحصوله على الرئاسة.
وعام 1919، عانى الرئيس وودرو ولسن (Woodrow Wilson) من مشاكل صحية عديدة وأصيب بسكتة دماغية أثرت على قدراته لإدارة شؤون البلاد طيلة ما تبقى من فترته الرئاسية. وعلى الرغم من تعالي الأصوات المطالبة بحصول نائبه على الرئاسة، تآمرت كل من السيدة الأولى والطبيب الشخصي لولسن لإبقاء حقيقة ملف حالته الصحية مخفيا عن الكونغرس لتظل بذلك البلاد تحت امرة رئيس وصفه كثيرون بالعاجز.
التعديل الخامس والعشرون للدستور
خلال شهر يناير 1965، قدم السيناتور عن ولاية أنديانا (Indiana) بيرش بايه (Birch Bayh) والنائب عن ولاية نيويورك إيمانويل سيلر (Emanuel Celler) مشروع قرار مشترك للكونغرس لتحديد آليات خلافة الرئيس الذي يغادر منصبه قبل نهاية فترته الرئاسية. وانطلاقا من ذلك، ظهر التعديل الخامس والعشرون الذي وافق عليه الكونغرس يوم 6 تموز/يوليو 1965 وعدّله خلال شهر شباط/فبراير 1967 ووافق عليه الرئيس ليندون جونسون (Lyndon Johnson) يوم الثالث والعشرين من نفس الشهر أي بعد أكثر من 3 سنوات عن حادثة اغتيال جون كينيدي.
وبموجب هذا التعديل، يحصل نائب الرئيس على صلاحيات الرئيس في حال عدم قدرة الأخير على ممارسة مهامه كما يحق للرئيس اختيار نائبه في حال شغور منصب نائب الرئيس شريطة أن تحظى هذه الشخصية المقترحة بموافقة الكونغرس.
من جهة ثانية، يتعين على الرئيس مراسلة الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ والناطق باسم مجلس النواب كتابيا في حال عدم قدرته على ممارسة مهامه لأمر طارئ كما يستوجب عليه إعادة مراسلتهم مرة ثانية وكتابيا لاستعادة مهامه. أيضا، يمنع نائب الرئيس، الذي يشغل المنصب مؤقتا، من أداء اليمين الدستورية.
إضافة لذلك، يحق لنائب الرئيس والأغلبية بالكونغرس أن يراسلا معا وبشكل كتابي الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ والناطق باسم مجلس النواب لإعلان عدم قدرة الرئيس على أداء مهامه وبموجب ذلك يحصل نائب الرئيس على صلاحيات الرئاسة بشكل مباشر.