خلال فترته الرئاسية الثالثة، اضطر الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت (Franklin Roosevelt) لاتخاذ واحد من أصعب القرارات بحياته. يوم 7 ديسمبر 1941، تعرضت قاعدة بيرل هاربر العسكرية بهاواي لهجوم مباغت شنته البحرية اليابانية، وأودى بحياة أكثر من ألفي أميركي. وبعدها بساعات، باشر اليابانيون بغزو الفلبين التي صنّفت حينها كمستعمرة أميركية بناء على اتفاقية باريس الموقعة بين إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية سنة 1898.
وخلال اليوم التالي، اتجه الرئيس الأميركي روزفلت لإعلان الحرب على اليابان، بموافقة الكونغرس، معلناً بذلك رسمياً دخول بلاده الحرب العالمية الثانية لجانب كل فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي.
فوز روزفلت وحفل بألفي دولار
وفي خضم الحرب العالمية الثانية، نظّمت الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر نوفمبر 1944 الانتخابات الرئاسية الأربعين بتاريخها والتي وضعت الرئيس روزفلت، المنتمي للحزب الديمقراطي والمترشح لولاية رابعة، في وجه المرشح الجمهوري توماس ديوي (Thomas Dewey). وقد أسفرت هذه الانتخابات عن اكتساح الديمقراطي روزفلت للمجمع الانتخابي حيث حصد الأخير 432 صوتا مقابل 99 صوتا لديوي، ليفوز بذلك المرشح الديمقراطي بولاية رئاسية رابعة.
وبسبب ظروف الحرب التي دخلت عامها الرابع بالنسبة للأميركيين، فضّل الرئيس الفائز روزفلت إقامة حفل تنصيب بسيط يوم 20 يناير 1945، أملاً في تقليص النفقات واحتراماً للضحايا الأميركيين الذين سقطوا بالنزاع. وبينما وفّر الكونغرس ميزانية تعادل 25 ألف دولار لحفل التنصيب، رفض الرئيس روزفلت قبول هذا المبلغ، متعهدا بالاكتفاء بحفل لا تتعدى تكاليفه ألفي دولار فقط.
ويوم 20 يناير 1945، غابت مظاهر البهجة التي اعتاد عليها الحاضرون بشارع بنسلفانيا خلال يوم التنصيب حيث لم يشهد الاحتفال وجود فرق موسيقية وألعاب نارية واستعراضات. وبدلا من ذلك، اكتفى روزفلت بحفل بسيط أدّى خلالها القسم.
خطاب تنصيب قصير
وخلافا لحفل تنصيبه الأول عام 1933 الذي حضره نحو 150 ألف شخص، استدعي بضعة آلاف فقط لحضور حفل تنصيب روزفلت سنة 1945 تمهيداً لبدء ولايته الرابعة. وإضافة للمسؤولين السياسيين، وجّهت الدعوة للعديد من العسكريين المصابين للقدوم نحو البيت الأبيض يوم 20 يناير 1945. وقد اجتاز كل هؤلاء أبواب البيت الأبيض وتجمهروا في الخارج استعداداً لمشاهدة الرئيس أثناء أدائه للقسم.
إلى ذلك، كانت مظاهر التعب والمرض واضحة على روزفلت أثناء حفل التنصيب حيث عانى الأخير من أمراض ومشاكل صحية عديدة كانت أهمها شلل الأطفال. وقد اضطر الرئيس حينها للاعتماد على ابنه جيمس وأحد الحراس للنهوض من على كرسيه استعداداً لأداء القسم.
في الأثناء، ألقى روزفلت يوم 20 يناير 1945 ثاني أقصر خطاب تنصيب في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حيث تكوّن خطابه حينها من 558 كلمة، مقارنة بخطاب الرئيس جورج واشنطن عام 1793 الذي تكوّن 135 كلمة فقط، واستمر حوالي 15 دقيقة.
وفاة بعد 82 يوماً
بعد مضي يومين فقط عن خطاب تنصيبه، غادر الرئيس الأميركي روزفلت الولايات المتحدة الأميركية في رحلة استمرت 5 أسابيع لحضور مؤتمر يالطا رفقة كل من رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والقائد السوفيتي جوزيف ستالين.
في الأثناء، فارق روزفلت الحياة يوم 12 أبريل 1945 عن عمر يناهز 63 سنة عقب قضائه لحوالي 82 يوما فقط من فترته الرئاسية الرابعة لتؤول بذلك رئاسة البلاد لنائبه هاري ترومان (Harry S. Truman).