أواخر العام 1849، تولى السياسي الأميركي، بيتر هاردمان بيرنت (Peter Hardeman Burnett) منصب أول حاكم لكاليفورنيا عقب نهاية الحرب الأميركية المكسيكية سنة 1848 وانفصال هذه الأراضي عن المكسيك والتحاقها بالولايات المتحدة الأميركية. وتماما كغيره من السياسيين بكاليفورنيا، اتجه بيتر هاردمان بيرنت لتحويل هذه المنطقة من مجرد إقليم عادي لولاية أميركية مرموقة ذات مكانة هامة بالاتحاد خاصة مع ظهور حمى ذهب كاليفورنيا وتوافد مزيد من المهاجرين الباحثين عن الثروة على المنطقة.
وضعية السود بكاليفورنيا
ومع توليه مهامه، تسبب بيرنت في حالة من الفوضى بين مشرّعي المنطقة عن طريق طرحه لمسألة ذوي الأصول الإفريقية. فبعد جدال مرير انتهى بإنهاء العبودية بكاليفورنيا، احتار الجميع أثناء نقاشهم لمستقبل السود بالولاية حيث خلت النظرة المستقبلية لبيتر هاردمان بيرنت حول كاليفورنيا من السود خاصة أولئك الذين تحوّلوا لأحرار واتجهوا للمطالبة بالحصول على فرص وحقوق متساوية مع البيض.
وقد حظي بيرنت خلال نزاعه مع ذوي الأصول الإفريقية بدعم من عدد هام من المشرّعين والمواطنين الذي اتجهوا للمطالبة بحظر وجود السود بكاليفورنيا عن طريق قوانين تحرمهم من العيش أو الهجرة مساهمين بذلك في إبراز حجم العنصرية المتفشية بغرب البلاد.
حرية محفوفة بالمخاطر
إلى ذلك، تمتع السود الأحرار بكاليفورنيا بحرية محفوفة بالمخاطر حيث أعادت فكرة طرد ذوي الأصول الإفريقية للأذهان مسألة العبودية بالولاية أثناء فترة تزايد خلالها النزاع على المستوى الوطني حول ضرورة إنهاء العمل بهذا النظام ومنح العبيد حرّيتهم. من جهة ثانية، سعى مناهضو العبودية بشتى السبل لضم كاليفورنيا لنطاق المناطق المطالبة بتحرير العبيد أملا في الحصول على الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي.
ومع إقرار اتفاقية 1850 التي مثلت جملة من القوانين سمحت بالأساس لأصحاب العبيد بالحفاظ على مصالحهم، انضمت كاليفورنيا للإتحاد كولاية حرة رفضت العبودية. ومع بداية وضع دستور الولاية، لم يتردد العديد من المشرعين، المطالبين بإسقاط العبودية، بطرد السود الأحرار من الولاية حيث تخوّف الجميع حينها من منافستهم للبيض بمناطق استخراج الذهب كما أعرب آخرون عن قلقهم من احتمال تزايد نفوذ ذوي الأصول الأفريقية بالولاية وإزاحتهم لسلطة البيض. إلى ذلك، لم يتردد عدد من سكان كاليفورنيا في طرد السود المحررين من مناطقهم.
مهاجرون صينيون وفشل طرد السود
واقتداء بقوانين أوريغون، عرض السياسي مورتون ماكرفر (Morton M. McCarver) على مسؤولي كاليفورنيا سنّ قوانين لإجبار السود الأحرار على مغادرة الولاية محذرا من إمكانية أن يشهد غرب البلاد وخاصة الولايات الجديدة طوفانا من العبيد المحررين. وقد راقت هذه الفكرة بشكل كبير لأول حاكم لكاليفورنيا بيتر هاردمان بيرنت الذي عاش فترة هامة من حياته بأوريغون قبل أن ينتقل لكاليفورنيا مع بداية حمى الذهب.
وعلى الرغم من رفض ما جاء به ماكرفر، أصبحت مكانة السود الأحرار مهددة بكاليفورنيا حيث رفض كثيرون منحهم جانبا من الحقوق خوفا من تزايد نفوذهم كما حاول المشرعون بالولاية مرات عديدة إعادة مناقشة قوانين طردهم من المنطقة. أيضا، تطوّر هذا الجدال لأكثر من مرة وتحوّل لتبادل للعنف بين مناهضي ومؤيدي العبودية فأودى عام 1859 بحياة السيناتور الكاليفورني المناهض للعبودية ديفيد برودريك (David C. Broderick). إلى ذلك، أثارت مسألة السود الأحرار مزيدا من البلبلة بكاليفورنيا خلال السنوات التالية قبل أن تتراجع مع قدوم المهاجرين الصينيين، حيث فضّل أهالي كاليفورنيا حينها التصدي لهجرة الصينيين الذين انتزعوا الوظائف من البيض بسبب عملهم لساعات طويلة وقبولهم بأجور زهيدة.