بعد مضي 3 أشهر على توقيع الاتفاق الثلاثي بين كل من ألمانيا وإيطاليا واليابان خلال شهر أيلول/سبتمبر 1940، حلّ أثناء شهر كانون الأول/ديسمبر وفد عسكري ياباني رفيع المستوى للقاء حليفهم الجديد أدولف هتلر، وتحديد نقاط أساسية للسياسة العالمية المشتركة بين الطرفين.
فقد تزعّم الجنرال تومويوكي ياماشيتا (Tomoyuki Yamashita) الوفد الياباني، وقرر المسؤولون اليابانيون حينها اختيار الأخير لقيادة هذا الوفد العسكري بسبب خبرته وشهرته بالأوساط العسكرية التي سرعان ما تضاعفت عقب دخول اليابان الحرب العالمية الثانية، على إثر هجوم بيرل هاربر يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941، ونجاحه الباهر في عملية غزو سنغافورة.
لقاء هتلر وياماشيتا
وعند وصوله ألمانيا، التقى الجنرال ياماشيتا بالقائد النازي أدولف هتلر.
كما اختلف الطرفان بداية حول النظرة المستقبلية للعالم والسياسة الخارجية، فاتجه هتلر أثناء أحد الاجتماعات للمطالبة بضرورة دخول اليابان الحرب العالمية بشكل سريع عن طريق إعلان الحرب على كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
في الأثناء، عبّر ياماشيتا حينها عن رفضه لهذه الفكرة مؤكدا على تخوّف بلاده من السياسيات السوفيتية بالمنطقة خاصة مع تزايد حدّة المناوشات الحدودية بين الطرفين طيلة فترة الثلاثينيات. فضلا عن ذلك، تشاؤم ياماشيتا من اقتراح هتلر مؤكدا على عدم رغبة اليابان في فتح جبهة أخرى بالتزامن مع تواصل الحرب اليابانية الصينية منذ العام 1937.
من ناحية ثانية، تفاءل ياماشيتا بالتعاون العسكري الياباني الألماني حيث آمن الأخير بإمكانية تزويد بلاده بالتكنولوجيا الألمانية في مجال الرادار والصناعات العسكرية. لكن ولسوء حظ الأخير، أهمل الألمان وتجاهلوا أسئلة الوفد الياباني حول مساعدة اليابان تكنولوجيا متسببين بذلك في خيبة أمل لليابانيين.
ذهب وطموحات توسعية
وأثناء تصريحاته للصحافيين، تحدث ياماشيتا عن شراكة مستقبلية كبيرة بين كل من ألمانيا واليابان مؤكدا على وجود تفاهم عسكري ودبلوماسي كبير بين الطرفين.
لكن في حقيقة الأمر، مثّل التعاون المالي والاقتصادي أهم ما اتفق عليه الطرفان بسبب تراكم كميات هامة من الذهب لديهما. فخلال السنوات الأولى من الحرب، نهب الألمان مئات الأطنان من الذهب من بنوك كل من هولندا وبلجيكا وبولندا.
بالمقابل، حصلت اليابان على كميات مماثلة من الثروات بفضل نجاحها في إخضاع قسم كبير من الشمال الشرقي الصيني. وتزامنا مع دخول اليابانيين للفلبين عقب هجوم بيرل هاربر، تحدّث العديد من المحللين الغربيين عن قيام الجنرال ياماشيتا بإخفاء كميات هائلة من الذهب مساهمين بذلك في ظهور أسطورة الكنز المفقود لياماشيتا.
وبعد مضي نحو 6 أشهر عن لقائه بهتلر، قدّم ياماشيتا تصريحا آخر تحدّث من خلاله عن توافق الرؤية الألمانية مع نظيرتها اليابانية.
ومع بداية ظهور خلافات بين المسؤولين العسكريين اليابانيين حول السياسية التوسعية عام 1942، أيّد الجنرال ياماشيتا فكرة حصول اليابان على مزيد من المستعمرات مؤكدا على توافق ذلك مع سياسة التحالف الألماني الياباني ووعود هتلر بضرورة هيمنة اليابان على الهند وحصولها على جنوب إفريقيا.
إلى ذلك، لم يتمكن ياماشيتا من مواصلة طموحاته التوسعية التي توافقت مع نظرة أدولف هتلر. فخلال الأشهر الأخيرة من العام 1945، نال الأخير حكما بالإعدام شنقا، تم تنفيذه يوم 23 شباط/فبراير 1946، تزامنا مع خسارة بلاده الحرب العالمية ومثوله أمام محكمة عسكرية أميركية.