مع بداية الغزو الألماني للأراضي السوفيتية ضمن عملية بربروسا (Barbarossa) يوم 22 يونيو 1941، وقع نحو 20 ألف جندي ألماني أسرى لدى القوات السوفيتية.
غير أن هذا العدد لم يكن كبيراً مقارنة بعدد الأسرى السوفيت الذين وقعوا في قبضة الألمان خلال الأسابيع الأولى التي تلت التدخل الألماني بالأراضي السوفيتية. فعقب معركة ستالينغراد التي مني خلالها الجيش السادس الألماني بهزيمة قاسية، سجل عدد الأسرى الألمان لدى السوفيت ارتفاعاً واضحاً ليبلغ حوالي 4 ملايين أسير مع نهاية الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية واستسلام ألمانيا.
أفضل خيار للسوفيت
في غضون ذلك، مثّل الأسرى الألمان غنيمة حرب بالنسبة للقائد السوفيتي جوزيف ستالين الذي لم يتردد في نقلهم لمراكز العمل القسري المعروفة بالغولاغ. فخلال مؤتمر طهران ما بين يومي 28 نوفمبر ومطلع ديسمبر 1943، تحدث ستالين عن أهمية أسرى الحرب الألمان، مؤكداً على حاجة بلاده لنحو 4 ملايين منهم بنهاية الحرب لإعادة بناء المدن المدمرة وإحياء الصناعة السوفيتية.
وإضافة لتأكيدهم على ضرورة ذلك بالنسبة للاقتصاد السوفيتي، تحدث المسؤولون السوفيت عن تواجد حوالي 3 ملايين سوفيتي بالمعتقلات الألمانية وخسارتهم لعدد كبير من المواطنين أثناء سنوات الحرب. ولتعويض هذا النقص الفادح في عدد العمال مثّل أسرى الحرب الألمان أفضل خيار للسوفيت.
إلى ذلك، باشر السوفيت بالاستعداد لاستقبال أسرى الحرب الألمان منذ عام 1941. فأثناء تلك الفترة، خصص الاتحاد السوفيتي على أراضيه 8 مراكز اعتقال لأسرى الحرب هيئت لاستقبال نحو 10 آلاف أسير. وبعد مضي أشهر، ارتفع عدد هذه المعتقلات تزامناً مع ارتفاع عدد الأسرى الألمان عقب معركة ستالينغراد.
مشاريع إعادة إعمار
وبحلول عام 1946، توجد على الأراضي السوفيتية حوالي 240 مركز عمل قسري متعدد الجنسيات، قبع داخلها ملايين أسرى الحرب.
وفي خضم الحرب، قدّر هذا العدد عام 1944 بمليون معتقل. وأملاً في رفع هذا العدد ليقارب الأرقام المقدمة من قبل ستالين الذي تحدث سابقاً عن 4 ملايين أسير حرب، أصدرت القيادة السوفيتية أوامرها باعتقال جميع المواطنين الألمان الذين تراوحت أعمارهم بين 17 و45 سنة بالنسبة للرجال وما بين 18 و30 سنة بالنسبة للنساء بمناطق كل من رومانيا وتشيكوسلوفاكيا والمجر.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، تحدثت مصادر سوفيتية عن وجود 3.8 مليون أسير ألماني بالاتحاد السوفيتي كان من ضمنهم 2.4 مليون عسكري. وقد عمل هذا العدد الهائل من الأسرى بمشاريع إعادة إعمار وتهيئة الاتحاد السوفيتي، فأصلحوا الطرقات وشيدوا المصانع وساهموا في إعادة تهيئة ملعب دينامو بالعاصمة موسكو.
عودة الأسرى الألمان
كذلك أجبر هؤلاء المعتقلون على العمل في ظروف قاسية وافتقروا للغذاء الكافي. وبناء على الإحصائيات السوفيتية، توفي ما بين عامي 1945 و1956 نحو 580 ألف معتقل بمراكز العمل القسري، كان من ضمنهم 356 ألف ألماني.
وخلال الأشهر التي تلت الحرب العالمية الثانية، اتجه الاتحاد السوفيتي لإعادة الأسرى الألمان نحو موطنهم على دفعات. فخلال شهر يونيو عام 1945، أخلى السوفيت سبيل 195 ألف أسير ألماني ممن عانوا من إصابات وأمراض، قبل أن يوافق على إعادة 500 ألف آخرين بحلول أغسطس من نفس العام. وقد تواصلت عملية عودة الأسرى الألمان لسنوات ليعود آخر جندي ألماني معتقل لوطنه عام 1956.