على مر التاريخ، ناضل العديد من العبيد السود للحصول على حريتهم. وأملاً في التخلص من قيود وبراثن العبودية، لم يتردد العديد من ذوي الأصول الإفريقية في المغامرة بحياتهم للقيام بمحاولات هروب محفوفة بالمخاطر كللت العديد منها بالنجاح. وإضافةً لهنري براون الذي تربّع داخل صندوق وأرسل نفسه عبر البريد نحو فيلادلفيا عام 1849، يذكر التاريخ قصة العملية التي قادها روبرت سمولز (Robert Smalls) في خضم الحرب الأهلية للنجاة من الكونفيدراليين الجنوبيين.
منذ ولادته يوم 5 أبريل/نيسان 1839 ببيافورت بكارولاينا الجنوبية، عرف روبرت سمولز حياة العبودية حيث عملت والدته كخادمة بمنزل السيد جون مكي (John McKee). وفي الثانية عشرة من عمره، أرسِل هذا الطفل نحو مدينة تشارلستون (Charleston) الساحلية بكارولينا الجنوبية ليمتهن هنالك العديد من المهن التي قادته في النهاية للحصول على حريته.
وبادئ الأمر، عمل روبرت سمولز بأحد النزل قبل أن ينتقل للعمل بأرصفة الميناء وهنالك كسب الأخير ثقة مالكيه الذين عاملوه بشكل جيد وأوكلوا إليه العديد من الأعمال الهامة. في السابعة عشرة من عمره، تزوّج هذا الرجل ذو الأصول الأفريقية من هانا جونز (Hannah Jones) ورزق منها بطفلين وطيلة فترة عمله حاول روبرت سمولز تحصيل مبلغ 800 دولار لشراء حرية عائلته وإنهاء معاناته مع العبودية.
مع اندلاع الحرب الأهلية الأميركية، انتقل روبرت سمولز للعمل على متن سفينة نقل الأسلحة بلانتر (Planter) التي تواجدت ضمن صفوف بحرية القوات الكونفيدرالية. وكان سمولز واحداً من ثمانية عبيد سُمح لهم بركوب هذه السفينة البخارية والمشاركة في مجهودات حرب الولايات الجنوبية الرافضة لإنهاء العبودية.
ومستغلاً بعضاً من خبرته في قيادة دفّة السفن، وضع روبرت سمولز خطة جريئة رفقة زملائه لإنهاء حياة العبودية عن طريق خطف السفينة بلانتر وتسلميها لجيش الإتحاد. وفي حدود الساعة الثالثة صباحاً من يوم 13 أيار/مايو 1862، استغل روبرت سمولز استراحة طاقم البيض بأحد مباني الميناء لينقل أفراد عائلته خلسة نحو السفينة بلانتر ويغادر مصحوباً بنحو 12 فرداً من العبيد الآخرين المكان. وأثناء تنقله بمياه الجنوبيين، رفع هذا الرجل الأفريقي علم القوات الكونفيدرالية على متن السفينة بلانتر لتجنب اعتراضه واستهدافه من قبل بحرية الولايات الجنوبية. وعند بلوغه مواقع القطع البحرية الشمالية التي حاصرت تشارلستون، سلّم روبرت سمولز السفينة بلانتر لقوات الإتحاد.
وبفضل إنجازه، استُقبل سمولز ورفاقه استقبال الأبطال حيث تناقلت الصحف حادثة خطف وتسليم السفينة البخارية بلانتر ليتحول بذلك روبرت سمولز لبطل قومي لدى الشماليين. أيضا،ً قدّم هذا الرجل الإفريقي الأصل معلومات هامة لجيوش الاتحاد حول مواقع الكونفيدراليين وتحركاتهم عند ميناء تشارلستون مساهماً بذلك في تسهيل مهمتهم بمناطق كارولاينا الجنوبية.
لاحقاً، حصل روبرت سمولز ورفاقه على مكافأة مالية، وقد نال هذا الرجل الإفريقي الأصل لوحده 1500 دولار، كما تمّ تكريمه بالبيت الأبيض ومُنح رتبة كابتن ببحرية جيش الاتحاد.
مع نهاية الحرب الأهلية، عاد روبرت سمولز لمدينة بيافورت ودخل الحياة السياسية فالتحق بالحزب الجمهوري ودعا جميع السود بالبلاد لتأييده. كما أسس الحزب الجمهوري بكارولاينا الجنوبية (أحد فروع الحزب الجمهوري) وانتُخب كنائب عن ولاية كارولاينا الجنوبية بمجلس النواب الأميركي أثناء فترة إعادة الإعمار.