هكذا شكّل السود فيلقا.. وقاتلوا بحرب استقلال أميركا

خلال فترة حرب الاستقلال الأميركية، واجه الجيش القاري، بقيادة جورج واشنطن، نقصا فادحا في الجنود والمعدات العسكرية.

وخلال إحدى مراسلاته للكونغرس القاري، حثّ جورج واشنطن المسؤولين على تزويده بما يكفي من العتاد لمواصلة الحرب ضد البريطانيين مؤكدا على افتقار الآلاف من جنوده للثياب والأحذية والأسلحة.

من ناحية أخرى، فتكت الأمراض، وعلى رأسها الجدري، بالعديد من قوات واشنطن. فبالمعسكر الربيعي بفالي فورج (Valley Forge) ببنسلفانيا، فارق نحو ألفين من جنود الجيش القاري الحياة في ظروف صعبة. وأمام هذا الوضع، طالب جورج واشنطن الكونجرس القاري بإرسال مزيد من المتطوعين.

تجنيد العبيد برود آيلاند

إلى ذلك، فشل الكونغرس القاري في إقناع ما يكفي من البيض للتطوع بالجيش القاري على الرغم من اعتماده على نظام المكافآت والمنح. وأمام هذا الوضع، عمد الكونجرس القاري لإقرار مشروع قانون جديد طالب من خلاله كل ولاية بتقديم عدد معين من المتطوعين، حسب عدد سكانها، للعمل لصالح الجيش القاري.

في الأثناء، مثّلت ولاية رود آيلاند (Rhode Island) أصغر ولاية أميركية من حيث عدد السكان حيث لم يتجاوز عدد المقيمين بها 60 ألف نسمة حينها. وبناء على مسودة قرار الكونجرس القاري، طولبت رود آيلاند بتقديم فيلقين من الجنود لدعم قوات الميليشيا التي قاتلت ضد البريطانيين. ومع عجزها عن تلبية رغبة المسؤولين الأميركيين حول تجنيد عدد كاف من البيض، عرضت رود آيلاند بدلا من ذلك إرسال مجندين من ذوي الأصول الإفريقية الذي كانوا إما عبيدا لدى البيض أو أحرارا حرموا من حقوقهم مقارنة بغيرهم من السكان البيض.

قانون تجنيد وفيلق رود آيلاند الأول

من ناحية ثانية، رفض جورج واشنطن، الذي امتلك عددا من العبيد، تواجد أصحاب البشرة السمراء بالجيش القاري. فمنذ العام 1775، تخوّف الأخير من إمكانية تمرّد العبيد بالجيش في حال تسليحهم كما عبّر أيضا عن قلقه حول مسألة انشقاق العبيد للالتحاق بالبريطانيين. فخلال فترة حرب الاستقلال، وعدت بريطانيا العبيد المنشقين بالحرية في حال التحاقهم بالقوات البريطانية. وأمام هذه الوعود بالحرية، عمد الآلاف من العبيد للهرب من مزارع الأسياد الأميركيين البيض للانضمام للجيش البريطاني.

إلى ذلك، تمكّن المشرّع والجنرال الأميركي جيمس ميشل فارنوم (James Mitchell Varnum) من إقناع جورج واشنطن بضرورة قبول أصحاب البشرة السمراء والسكان الأصليين بالجيش القاري لإنهاء أزمة النقص الحاد بعدد المتطوعين البيض. وقد أكّد فارنوم لواشنطن سنة 1777 أن هزيمة الجيش القاري ستكون حتمية في حال معاناته من نقص عددي ضد البريطانيين.

وخلال شهر شباط/فبراير 1778، مرر الأميركيون قانون تجنيد العبيد. وبموجب هذا القانون، وعد المسؤولون الأميركيون بمنح العبيد الذين يلتحقون بفيلق رود آيلاند الأول حريّتهم. أيضا، نص قانون التجنيد الجديد على منح تعويض مادي لمالكي العبيد الذين يتم قبولهم بالجيش القاري.

وخوفا من رحيل جماعي للعبيد، نشر الأسياد البيض إشاعات تحدّثوا من خلالها عن إرسال ذوي الأصول الإفريقية نحو أخطر الأماكن بالجبهة ليقتلوا كما تحدّثوا أيضا عن مصير مرعب لكل المتطوعين من ذوي البشرة السمراء الذين يقعون أسرى في قبضة البريطانيين.

إلغاء القانون

خلال معركة رود آيلاند، أبلى فيلق رود آيلاند الأول بلاء حسنا وتمكّن من صد العديد من هجمات البريطانيين. إلا ذلك، لم تكن هذه التضحية كافية لضمان حقوق ذوي الأصول الإفريقية. فمع تواصل إقبال مزيد من العبيد على هذا الفوج من الجيش القاري، ألغى المشرّعون برود آيلاند بعد 6 أشهر فقط العمل بقانون تجنيد العبيد.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: