هكذا ظهرت الكاتيوشا وأرّقت الألمان بالحرب العالمية

منذ فترة الحرب العالمية الثانية، تصنف قاذفات صواريخ الكاتيوشا (Katyusha) كأحد أشهر الأسلحة رفقة كل من بندقية الكلاشينكوف، المعروفة أيضا برشاش أي كيه 47، والدبابة الشهيرة تي 34 (T-34) التي أنتج منها السوفيت عشرات آلاف النسخ قبل أن يحيلوها على التقاعد.

وتزامنا مع ظهورها، أثارت قاذفات صواريخ الكاتيوشا الريبة في نفوس المسؤولين السوفيت حيث تخوّف الجميع من مدى نجاعتها على ساحات القتال ضد الجيش الألماني الذي توغل بعمق الأراضي السوفيتية منذ بداية عملية بربروسا (Barbarossa) يوم 22 يونيو 1941. لكن مع تجربته، أثار هذا السلاح السوفيتي الجديد ذهول الجميع وأرعب الألمان الذين استغربوا من مدى قدرته على تدمير الأهداف.

ظهور الكاتيوشا

مع ظهورها قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، لم يبل المسؤولون العسكريون السوفيت أي اهتمام يذكر بقاذفات صواريخ الكاتيوشا. لكن مع عرضها على مفوض الشعب لوزارة الدفاع المارشال سيميون تيموشينكو (Semyon Timoshenko)، تفاءل الأخير بهذا السلاح الجديد وطالب، بعد حصوله على موافقة ستالين، بالبدء في إنتاجه بكثافة قبيل ساعات من بداية الاجتياح الألماني للأراضي السوفيتية.

وفي البداية، لم يلقب هذا السلاح بقاذفات صواريخ الكاتيوشا وحصل في المقابل على تسمية بي أم 13 (BM-13) حيث أشارت أحرف بي أم للآلة القتالية بينما رمز الرقم 13 لعيار الصواريخ.

إلى ذلك، استخدم سلاح بي أم 13 لأول مرة ضد الألمان من قبل فرقة الكابتن إيفان فليروف (Ivan Flerov) حيث قصف الأخير يوم 14 يوليو 1941 الجنود الألمان المتمركزين بمدينة أورشا (Orsha) ببيلاروسيا. وقد دمرت رشقة الصواريخ التي ألقاها السوفيت حينها العديد من مخازن الأسلحة وخطوط الإمدادات التي اعتمدت عليها الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات الألمانية، لنقل العتاد والمؤن. في الأثناء، أثار الهجوم ذهول الجنرال الألماني فرانز هالدر (Franz Halder)، الذي تواجد حينها بالمنطقة، حيث عبّر الأخير بمذكراته عن انبهاره بقوة هذا السلاح السوفيتي على تدمير المواقع بشكل سريع.

فشل ألماني في تقليد الكاتيوشا

وخلال الفترة الأولى من الحرب على الجبهة الشرقية، تمكن السوفيت من استخدام سلاحهم الجديد بفضل الأميركيين حيث ثبّت الجيش الأحمر السوفيتي قاذفات الصواريخ على شاحنات ستودبيكر (Studebaker) التي تلقاها من عند الأميركيين ضمن برنامج لاند ليز (Lend-lease) الأميركي للمساعدات. وعلى إثر النجاح الباهر الذي حققته بي أم 13، اتجه السوفيت لإنتاج أعداد كبيرة منه واستخدموه أثناء عملية الدفاع عن موسكو بداية من شهر أكتوبر 1941.

ومع مشاهدتهم لنجاحات سلاح بي أم 13 السوفيتي، اتجه الألمان لتقليده وصناعة نسخة مشابهة له. وقد كللت جميع المحاولات الألمانية حينها بالفشل. ففي الغالب، اتجه الجنود السوفيت لتفجير قاذفات الصواريخ وذخيرتها عند عجزهم عن سحبها من ساحات المعارك لتجنب وقوعها في قبضة الألمان. وعلى الرغم من امتلاكهم لقاذفات الهاون المتعددة نيبيلفيرفير (Nebelwerfer) التي كانت عبارة عن ستة قاذفات هاون مرتبطة ببعضها، فشل الألمان في تقليد تقنيات بي أم 13 حيث تميز السلاح السوفيتي بقدرته على إطلاق عدد أكبر من القذائف وبلوغ مدى أبعد من نظيره الألماني. فضلا عن ذلك، تميّز السلاح السوفيتي بسهولة نقله بفضل تثبيته مباشرة على الجانب الخلفي للعربات.

وأثناء الحرب، أطلق على هذا السلاح الجديد اسم كاتيوشا نسبة لأغنية كاتيوشا الشعبية التي انتشرت بالاتحاد السوفيتي حينها والتي كانت تحكي قصة فتاة تنتظر بشوق عودة حبيبها من الحرب. وفي المقابل، لقّب الألمان هذا السلاح بأرغن ستالين (Stalin’s Organ) نسبة للقائد السوفيتي جوزيف ستالين وآلة الأرغن الموسيقية.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: