يوم 22 حزيران/يونيو 1941، باشرت القوات الألمانية عملية غزو الأراضي السوفيتية ضمن عملية بربروسا التي اقتبس اسمها من اسم الإمبراطور الروماني المقدس فريدريك بربروسا (Frederick Barbarossa). إلى ذلك، مثّل الغزو الألماني مفاجأة للقوات السوفيتية التي لم تكن مستعدة كما يجب لصد هذا التدخل العسكري. وخلال الأيام الأولى من الحرب على الجبهة الشرقية، تمكنت قوات الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، من أسر مئات الآلاف من الجنود السوفيت الذين اقتيدوا نحو المعتقلات.
وخلال سنوات الحرب التالية، ارتفع عدد الأسرى السوفيت لدى الألمان بشكل لافت للانتباه. فعلى حسب مصادر تلك الفترة، قدّر هذا العدد بنحو 5.7 مليون أسير حرب فارق أكثر من 3 ملايين منهم الحياة بالمعتقلات الألمانية بسبب الجوع والإرهاق والمرض وعمليات الإعدام.
معسكرات الترشيح والتصفية
إلى ذلك، لم تتوقف معاناة الأسرى السوفيت الناجين تزامنا مع تحريرهم من المعسكرات الألمانية. فخلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1941، أقرت المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية القرار رقم 001735. وبموجب هذا القرار، أمر المسؤولون السوفيت، وعلى رأسهم جوزيف ستالين ولافرينتي بيريا (Lavrentiy Beria)، بإرساء معسكرات، لقّبت لاحقا عام 1945 بمعسكرات الترشيح والتصفية، لاستقبال أسرى الحرب السوفيت المحررين.
وفي الأثناء، خصصت هذه المعسكرات ونقاط الاستجواب للتحقيق مع أسرى الحرب المحررين لمعرفة ظروف وقوعهم بالأسر بسبب القرارات الستالينية الصارمة التي طالبت في وقت سابق بإعدام الجنود الذين يسلمون أنفسهم للألمان. فضلا عن ذلك، حقق المسؤولون بهذه المعسكرات مع الأسرى للتثبت من إمكانية تخابرهم مع الألمان وتقديمهم لمعلومات عن مواقع الجيش الأحمر أثناء فترة أسرهم.
معسكرات العمل القسري
خلال العام 1945، قدّر عدد معسكرات الترشيح والتصفية السوفيتية بأكثر من مئة. وقد استقبلت هذه المعسكرات نحو 4 ملايين شخص من أسرى الحرب السوفيت والمدنيين الذين تواجدوا بالمناطق التي احتلها الألمان بأوروبا الشرقية سابقا.
ومن ضمن هؤلاء، قدّر عدد أسرى الحرب السوفيت المحررين، حسب المؤرخ الروسي غريغوري خريفوشيف (Grigori F. Krivosheev)، بأكثر من 1.8 مليون عسكري. وبينما أطلق سراح الأغلبية عقب نهاية التحقيق معهم على يد أفراد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، أرسل ما يزيد عن 233 ألفا من هؤلاء الأسرى السابقين نحو مراكز العمل القسري، المعروفة بالغولاغ (Gulag)، بمناطق نائية من البلاد. وهنالك، لقي عشرات الآلاف منهم حتفهم إما بسبب ظروف العمل القاسية أو عن طريق عمليات الإعدام.
وفي الأثناء، قبعت أغلبية هؤلاء الأسرى السابقين بمعسكرات العمل القسري لسنوات وانتظروا وفاة ستالين عام 1953 وصدور عفو شامل بحقهم عام 1955 للعودة لديارهم.