لم تتردد فرنسا ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، في إرسال العديد من المستكشفين نحو شمال القارة الأميركية أملا في إنشاء مستعمرات بها.
وإضافة لكل من جاك كارتييه (Jacques Cartier) وصامويل دي شامبلان (Samuel de Champlain) اللذين حلا بمناطق كندا حالياً، حاولت فرنسا خلال نفس الفترة التوسع بجنوب القارة الأميركية عن طريق إنشاء مستعمرة فرنسية على أراضي البرازيل الحالية.
إلى ذلك، ولإنجاح هذه المهمة، كلّف المستكشف نيقولا دوران دي فيلغانيون (Nicolas Durant de Villegagnon) بمهمة قيادة البعثة الفرنسية نحو جنوب القارة الأميركية.
إنشاء المستعمرة
وخلال مسيرته العسكرية، حارب الكابتن نيقولا دوران دي فيلغانيون، المولود عام 1510، بالبحر الأبيض المتوسط ضد القراصنة العثمانيين قبل أن ينال خلال خمسينيات القرن السادس عشر مهمة فريدة من نوعها.
فبعد حصوله على رتبة نائب أميرال واعتناقه للبروتستانتية، نال نيقولا دوران دي فيلغانيون، في الخامسة والأربعين من العمر، بفضل الأميرال غاسبارد دي كولينيي (Gaspard de Coligny) شرف قيادة أسطول فرنسي نحو جنوب القارة الأميركية لإنشاء أولى المستعمرات الفرنسية بهذه المنطقة.
ومع موافقة الملك الفرنسي هنري الثاني على توفير 3 سفن له، حلّ دي فيلغانيون بخليج غوانابارا (Guanabara)، الواقعة بالبرازيل حالياً، مرفوقاً بحوالي 600 مستعمر وأسس فورت كولينيي (Fort-Coligny).
نهاية الوجود الفرنسي
وخلافا للبرتغاليين الذين استقروا بهذه المنطقة، أرسى دي فيلغانيون علاقات طيبة مع السكان الأصليين ولجأ لإجراء مبادلات معهم، أملا في توفير جميع حاجيات المستعمرة الفرنسية.
لكن، وبسبب طبعه القاسي وتصرفاته السيئة، جذب دي فيلغانيون لنفسه عداء وكراهية العديد من سكان المستعمرة، ما أدى لتمرد عدد هام من المستعمرين الذين فضّلوا الالتحاق بالسكان الأصليين أملا في الحصول على الدعم والحماية.
وسعياً منه للقضاء على هذا التمرد، طلب دي فيلغانيون دعماً من جان كالفان (John Calvin) حاكم منطقة جنيف الذي لبى النداء وأرسل بعض القوات للحفاظ على التواجد الفرنسي بالمنطقة.
في موازاة ذلك، غيّر دي فيلغانيون مذهبه مجدداً قبل وصول هذه القوات، مفضلاً العودة للكاثوليكية لتندلع بذلك مواجهات ذات طابع ديني تزامنا مع وصول التعزيزات.
وعلى إثر هذه الحادثة، تخلى دي فيلغانيون عام 1559 عن فورت كولينيي مفضلا العودة لفرنسا للمشاركة بالحروب الدينية التي هزّت البلاد حينها.
وعلى رغم محاولة المستعمرين الفرنسيين الحفاظ على مستعمرتهم بجنوب القارة الأميركية، عرفت الأطماع الفرنسية بالبرازيل نهايتها على يد البرتغاليين.
فعقب إنشائهم لريو دي جانيرو عام 1565، هاجم البرتغاليون الممتلكات الفرنسية وتمكنوا يوم 20 يناير عام 1567 من إنهاء الوجود الفرنسي بالمنطقة.