هكذا كاد جنرال أن يمنع ظهور الاتحاد السوفيتي

يوم 7 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1917، كانت روسيا على موعد مع المرحلة الثانية من الثورة، حيث عاشت البلاد على وقع الثورة البلشفية التي تزعمها كل من فلاديمير لينين (Vladimir Lenin) وقائد الجيش الأحمر ليون تروتسكي (Leon Trotsky) لإسقاط الحكومة المؤقتة بقيادة ألكسندر كيرينسكي (Alexander Kerensky) التي استلمت زمام الأمور بالبلاد عقب ثورة شباط/فبراير 1917 التي أطاحت بحكم القيصر نيقولا الثاني.

إثر ذلك، دخلت البلاد في حرب أهلية استمرت لسنوات انتهت بانتصار البلشفيين وأسفرت عن سقوط ملايين الضحايا.

وطيلة العقود التالية، عانى الاتحاد السوفيتي ومناطق أوروبا الشرقية، عقب الحرب العالمية الثانية، من حكم دموي أسفر عن سقوط عشرات ملايين الضحايا قتل جلهم خلال عهد جوزيف ستالين الذي أدت سياسته لمقتل ما لا يقل عن 20 مليون شخص إما عن طريق المجاعة أو الإعدامات أو بمراكز العمل القسري بالمناطق النائية من البلاد.

كورنيلوف قائد للجيش

إلا أنه وخلال العام 1917، كاد التاريخ أن يشهد منحى آخر مخالفا تماما لما هو عليه حاليا بفضل عسكري روسي عرف باسم الجنرال لافار كورنيلوف (Lavr Kornilov) الذي ولد يوم 30 آب/أغسطس 1870 بإحدى المناطق الروسية النائية التابعة حاليا لدولة كازاخستان.

فبعد سجل عسكري حافل مليء بالإنجازات ما بين الحرب الروسية اليابانية والحرب العالمية الأولى، كسب الجنرال كورنيلوف احتراما كبيرا لدى الروس وتحوّل سريعا لرمز من رموز الجيش الروسي.

وعلى الرغم من ولائه للنظام القيصري، لم يعارض كورنيلوف التحرك الشعبي الذي أطاح بنظام القيصر نيقولا الثاني ضمن ما عرف بثورة شباط/فبراير. لكن في المقابل، رفض هذا الجنرال الروسي العديد من سياسات الحكومة المؤقتة وانتقد الاشتراكيين كما اعتبر سوفيت بتروغراد مجموعة غير قانونية وصنّف لينين خائنا للوطن معتبرا إياه خطرا على الروس.

على إثر الهزائم العسكرية بالحرب العالمية الأولى خلال شهر تموز/يوليو 1917، أعفت الحكومة الروسية المؤقتة الجنرال بروسيلوف من مهامهم كقائد أعلى للقوات المسلحة وعينت بدلا منه الجنرال كورنيلوف الذي تميز بطابعه العسكري المتشدد حيث طالب الأخير بضرورة إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في صفوف الجيش لفرض مزيد من الانضباط والقضاء على الخونة والمتمردين والفارين من الخدمة.

محاولة إنقاذ روسيا من البلشفيين ولينين

مع حصوله على هذا المنصب، كان كورنيلوف عازما على تحقيق غايته بالقضاء على البلشفيين. وعقب اجتماع مع أعضاء الحكومة المؤقتة، التقى الجنرال كورنيلوف بعدد من أثرياء روسيا في حدود منتصف شهر آب/أغسطس 1917 لضمان دعمهم لتحركه ضد لينين ورفاقه فوعدهم بقيادة عملية عسكرية بالعصمة بتروغراد لإنهاء وجود البلشفيين وفرض الأمن مجددا بها كما أكد لهم استعداده لاحترام قرارات البرلمان والحكومة المؤقتة.

وبعد سماعه بمعلومات حول عملية عسكرية ببتروغراد وانقلاب عسكري محتمل، راسل كيرينسكي الجنرال كورنيلوف للاستفسار عن الأمر فتلقى ردا غير مطمئن أكد له إمكانية حدوث انقلاب.

على الفور، راسلت حكومة كيرينسكي المؤقتة سوفيت بتروغراد ودعتهم لحماية العاصمة. وتزامنا مع ذلك، حصل عدد كبير من العمال والمتعصبين البلشفيين على الأسلحة والذخيرة وتحصنوا داخل أروقة العاصمة استعدادا لمقارعة قوات الجنرال كورنيلوف التي كانت في طريقها نحو العاصمة. وبسبب تحرك البلشفيين المبكر، فشل انقلاب الجنرال كورنيلوف الذي أقيل من منصبه واعتقل لاحقا رفقة العديد من رفاقه ليمكث بضعة أشهر بالسجن قبل أن يتمكن من الفرار عقب الثورة البلشفية التي أزاحت حكومة كيرينسكي ليلقى حتفه في خضم الحرب الأهلية عقب سقوط قذيفة بالقرب منه.

انقلاب البلشفيين وعشرات ملايين القتلى

أضعفت عملية الجنرال كورنيلوف الفاشلة حكومة كيرينسكي التي ظهرت بموقف الرجل المريض عقب استعانتها بالبلشفيين لحماية بتروغراد. وبسبب ذلك، تمكن البلشفيون من قلب نظام الحكم يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 وإزاحة حكومة كيرينسكي المؤقتة لتدخل بذلك روسيا وأوروبا الشرقية في مرحلة جديدة تميّزت بدمويتها وأسفرت عن سقوط عشرات ملايين القتلى كان من بينهم 20 مليونا خلال عهد ستالين لوحده الذي شهد مجاعة أوكرانيا المفتعلة بالثلاثينيات والتي أسفرت لوحدها عن وفاة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: