بعد مضي أسابيع قليلة عن نهاية معركة ستالينغراد التي أسفرت عن خسارة الجيش السادس الألماني واستسلام المارشال فريدريش باولوس (Friedrich Paulus)، واجه القائد النازي أدولف هتلر خلال شهر شباط/فبراير 1943 واحدا من أسوأ أيامه. فعلى جناح السرعة، اضطر الأخير لقطع زيارته للجبهة والعودة أدراجه بسبب تقدم فرقة عسكرية سوفيتية وتوغلها بمشارف مدينة زاباروجيا (Zaporozhye) التي كانت تبعد بضعة كيلومترات فقط عن مكان تواجد أدولف هتلر.
عملية عسكرية سوفيتية
أواخر شهر يناير 1943، أطلق السوفيت عملية غالوب (Gallop) العسكرية لتحرير مناطق الدونباس (Donbass)، بشرق أوكرانيا، من قبضة الألمان. وفي البداية، آمن السوفيت بإمكانية تحقيق نصر سريع ضد الجيش الألماني إلا أنهم تفطنوا، بشكل متأخر، لامتلاك الألمان لأكثر من 150 ألف عسكري بالمنطقة.
وخلال هذه العملية العسكرية، حقق لواء المدرعات الخامس والعشرون السوفيتي، بقيادة الجنرال بيوتر بافلوف (Pyotr Pavlov)، تقدما مذهلا. ففي غضون عشرة أيام فقط، قطعت هذه الفرقة مسافة 300 كلم وتمكنت من تحرير العديد من المناطق الأوكرانية قبل أن تتوقف يوم 17 شباط/فبراير 1943 بمدينة لوزوفايا (Lozovaya) بسبب افتقارها للذخيرة والوقود الكافي.
وخلال نفس ذلك اليوم، غادر القائد النازي أدولف هتلر مقره بمدينة فينيتسيا (Vinnytsia) بوسط أوكرانيا واتجه مستقلا الطائرة نحو زاباروجيا حيث تواجد مقر قائد جيش الجنوب المارشال إريش فون مانشتاين (Erich von Manstein).
هروب سريع من المنطقة
يوم 20 شباط/فبراير 1943، تقدمت بعض الدبابات السوفيتية التابعة للواء المدرعات 25 واقتربت لمسافة قدّرت بنحو 5 كيلومترات فقط عن زاباروجيا.
وعلى حسب شهادة الجنرال الألماني راينر شتاهل (Reiner Stahel) الذي وقع في قبضة السوفيت عام 1944، حلّ أدولف هتلر، رفقة فرقة عسكرية صغيرة، بمهبط الطائرات استعدادا لإجلائه على جناح السرعة من الموقع. وبالتزامن مع ذلك، افتقرت القوات الألمانية المدافعة عن المهبط للأسلحة المضادة للدبابات مما جعلها فريسة سهلة للواء المدرعات 25 السوفيتي.
وبشكل مفاجئ، فضّلت القوات السوفيتية البقاء بمكانها وعدم التقدم نحو مهبط الطائرات بسبب افتقارها للوقود الكافي لمواصلة التقدم والهجوم. فضلا عن ذلك، شاهد الجنود السوفيت عددا من الطائرات الألمانية الرابضة بالمهبط فتخوّفوا من إمكانية مواجهة مقاومة شرسة قد تودي بحياة الكثير منهم.
عقب لقائه بأدولف هتلر خلال اليوم التالي، تحدّث راينر شتاهل عن حالة الذعر والغضب التي أظهرها القائد النازي. فتزامنا مع عودته لمقره، أرسل أدولف هتلر تعزيزات كبيرة لفون مانشتاين ووجه له أمرا بسحق العدو. وخلال الأيام التالية، أجبر الألمان السوفيت على التراجع وتمكّنوا فيما بعد من أسر الجنرال بافلوف الذي أصيب خلال المعارك ومكث بالمعتقلات الألمانية لأواخر الحرب العالمية الثانية.