على مر تاريخه، قدّم معهد باستور (institut Pasteur)، الذي يعتمد نهج الطبيب رو بالدائرة الخامسة عشرة بباريس مقرا له، العديد من الخدمات للبشرية. فبفضل العديد من العلماء الذين عملوا لصالحه، تمكّن هذا المعهد من كشف العديد من الحقائق العلمية حول البكتيريا والجراثيم والأمراض مساهما بذلك في إنقاذ حياة عدد كبير من البشر. ومن ضمن هؤلاء العلماء الذين مرّوا بمعهد باستور، يذكر التاريخ ألكسندر يرسين (Alexandre Yersin) مكتشف البكتيريا المسببة للطاعون وألفونس لافرن (Alphonse Laveran)، الفائز بجائزة نوبل للطب عام 1907، الذي ساهم في فهم مرض الملاريا وشارل نيكول (Charles Nicolle)، الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1928، الذي فكّ لغز انتقال عدوى مرض التيفوس.
فكرة المعهد
ويعود الفضل في ظهور هذا المعهد للعالم المختص في مجال الكيمياء والأحياء الدقيقة لويس باستور (Louis Pasteur). فبعد أن درس واختص في مجال الكيمياء سابقا، باشر باستور بإجراء أبحاث في مجال علم البلورات قبل أن يتخذ طريقا وجديدا ويبدأ حياة أخرى، في خضم عصر الاكتشافات العلمية بالقرن التاسع عشر، جعلته أحد أهم العلماء على مر تاريخ البشرية.
وعلى الرغم من أعماله في مجالات عدّة كالبيولوجيا والزراعة والطب والنظافة، برز باستور للعالم كمكتشف البسترة ولقاح داء الكلب عام 1885.
وعقب هذا النجاح الأخير الذي تناقلته الصحف العالمية ضد داء الكلب الذي فتك على مدار سنين طويلة بكثير من البشر، اجتمع باستور بعدد من زملائه بمخبره بنهج أولم (Ulm) بباريس وعرض عليهم فكرة إنشاء معهد قادر على تلبية حاجيات البشرية المتزايدة للقاح داء الكلب.
افتتاح المعهد
وتنفيذا لرغبة لويس باستور، أطلقت الأكاديمية الفرنسية للعلوم (French Academy of Sciences) حملة وطنية وعالمية لإنشاء هذا المعهد. وخلال شهر يناير 1886 حصل المسؤولون بالأكاديمية على أولى التبرعات. وبناء على مصادر تلك الفترة، لم يتردد العديد من الأثرياء ورجال الأعمال في تقديم مبالغ مالية طائلة لدعم هذا المعهد الذي حصل القائمون على مشروع بنائه على تبرعات بلغت قيمتها 2 مليون فرنك.
يوم 14 نوفمبر 1888، دشّن الرئيس الفرنسي سادي كارنو (Sadi Carnot)، عقب صدور مرسوم بناء رسمي يوم 4 يونيو 1887، معهد باستور وسط حضور جماهيري كثيف. وفي الأثناء، رحّب المجتمع العلمي الفرنسي بهذا الحدث واعتبره خطوة هامة لخدمة البشرية ومواجهة الأمراض.
وخلال السنوات التالية، افتتح معهد باستور عدّة فروع بالعديد من الدول الأخرى كاليونان وروسيا وتونس والجزائر والمغرب وساحل العاج والسنغال وهونغ كونغ ولاوس وكوريا والصين.
يوم 28 سبتمبر عام 1895، فارق لويس باستور الحياة بعد معاناة مع المرض. وعقب جنازة وطنية رسمية، دفن الأخير مبدئيا بكاتدرائية نوتردام قبل أن تنقل رفاته خلال شهر ديسمبر 1896 لتدفن بهذا المعهد الذي حمل اسمه.