هكذا وقع 175 ألف جندي فرنسي أسرى بيد الألمان

بسبب أخطاء وتسرع نابليون الثالث، وجدت الإمبراطورية الفرنسية نفسها يوم 19 تموز/يوليو 1870 في حرب ضد بروسيا بقيادة كل من الملك فيلهلم الأول (William I) ومستشاره أوتو فون بسمارك (Otto von Bismarck) الذي سعى جاهدا لتحقيق الوحدة الألمانية.

ولبلوغ هدفه، لم يتردد بسمارك في إزاحة جميع العقبات فخاض عام 1864 حربا ضد الدنمارك قبل أن يتمكن بعدها بسنتين من وضع حد للتدخل النمساوي بشؤون الدويلات الألمانية. وبحلول العام 1870، اتجه المستشار البروسي للتخلص من فرنسا التي مثلت آخر عقبة أمام حلم الوحدة الألمانية. ومستغلا انعزال فرنسا أوروبيا والتحويرات التي أدخلها على برقية إمس (Ems)، أجبر بسمارك الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث على إعلان الحرب على بروسيا.

وقوع نابليون الثالث في الأسر

وبعد مضي أسابيع فقط عن اندلاع الحرب، وقع الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث يوم 2 أيلول/سبتمبر 1870 أسيرا لدى القوات البروسية بمنطقة سيدان (Sedan) رفقة ما يزيد عن 60 ألفا من قواته. وبآخر تلغرام أرسله لزوجته أوجيني (Eugénie) قال نابليون الثالث "كارثة كبرى، الجيش أسير ومهزوم، أنا أيضا وقعت في الأسر…".

وبسبب هذه الحادثة، تحوّل نابليون الثالث لرابع حاكم يقع في الأسر على ساحات المعارك بتاريخ فرنسا.

وفي خضم هذه الأحداث، مثّل جيش المارشال فرانسوا آشيل بازان (François Achille Bazaine)، المرابط عند منطقة ماتز، آخر أمل للفرنسيين. فبعد أسر نابليون الثالث، أعلن الفرنسيون قيام الجمهورية الثالثة واتجهوا لمواصلة القتال أملا في طرد البروسيين من البلاد. وأملا في إنقاذ فرنسا، فرّ المارشال ليون غامبيتا (Léon Gambetta) من باريس واتجه لتشكيل جيش من المتطوعين، الفاقدين للخبرة العسكرية، بمنطقة بروفنس (Provence). وبسبب تواجد النسبة الساحقة من القوات البروسية حول كل من باريس وماتز (Metz)، امتلك جيش المتطوعين الفرنسيين أسبقية عددية على عدوه.

175 ألف أسير

وفي الأثناء، اختلف الأمر بماتز عما كان عليه بباريس. فخلال تلك الفترة، رفض المارشال بازان قيام الجمهورية الثالثة مطالبا بمواصلة القتال لصالح الإمبراطورية والإمبراطور نابليون الثالث. وبالنسبة لبازان، مثّلت الجمهورية خطرا داهما من الداخل أسوأ من البروسيين.

وأملا في إقناع البروسيين بسحب قواتهم من البلاد والسماح له بمواجهة الجمهوريين، وافق المارشال بازان يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر 1870 على الاستسلام للبروسيين بماتز ليقع بذلك 3 مارشالات وما يزيد عن 175 ألف عسكري فرنسي أسرى دفعة واحدة في قبضة القوات البروسية.

وقد جاء استسلام المارشال بازان ليثير موجة من الغضب والدهشة لدى الباريسيين الذين وصفوه بالإنشقاق الذي تفوح منه رائحة الخيانة. ومع خسارتهم لهذا العدد الهائل من القوات، فقد الفرنسيون الأمل في طرد البروسيين من البلاد حيث عجزت قوات غامبيتا، التي افتقرت للخبرة والإنضباط، لوحدها عن احداث الفارق.

على الرغم من بطولاته السابقة بالمكسيك، تحوّل بازان لخائن في نظر الفرنسيين ونال حكما بالإعدام نجا منه بفضل عفو من المارشال ماكمهون (Mac-Mahon). لاحقا، فرّ بازان من البلاد واستقر بمدريد أين توفي بحلول العام 1888 بسبب مضاعفات اعتداء تعرض له على يد رجل فرنسي.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: