شهور طوال مرّت على ظهوره لأول مرة في الصين منتصف ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، إلا أن فيروس كورونا المستجد مازال يحيّر العلماء بخصائصه وماهية وجوده.
فبعد أن أكدت دراسات سابقة أن الوباء يترك آثاراً مزمنة على مصابين حتى بعد شفائهم، تتفاوت درجة تأثيرها من شخص لآخر وفقاً لعوامل عدة، منها العمر أو المعاناة من حالة طبية أساسية، كشفت دراسة حديثة أن هناك أحد أعراض الجائحة طويلة المدى من المرجح أن تعاني منها النساء على وجه الخصوص.
في التفاصيل، أوضحت دراسة أيرلندية مؤخرا، أجرت اختبارات على 128 مريضا مصابا بفيروس كورونا المستجد بداخل مستشفى سانت جيمس في دبلن، أن أكثر من نصف هؤلاء المشاركين ونسبتهم 52.3% أبلغوا عن معاناتهم من إجهاد مستمر، حتى بعد مرور 10 أسابيع من التعافي المفترض من العدوى، وذلك بغض النظر عن درجة خطورة حالة كورونا الخاصة بهم.
ولكن في حين أن هذه الأعراض طويلة المدى "التعب والإجهاد" يمكن أن تؤثر بوضوح على أي شخص، إلا أنه في تلك الدراسة كانت أكثر انتشارا بين النساء الخاضعات لها، إذ كان أكثر من نصف المرضى بقليل تقريباً 54% من النساء، ليشكلوا ثلثي 67% من أولئك الذين أبلغوا عن التعب المستمر.
يحدث بشكل مستقل
ووفقاً للدراسة، فإنه سواء تم إدخال المشاركين إلى المستشفى أم لا بسبب فيروس كورونا، فإن ذلك لا يؤثر على احتمالية تعرضهم للإرهاق، لافتة إلى أنه تم إدخال 71 فقط من بين 128 مشاركا إلى المستشفى، بينما لم يتم إدخال 57 منهم.
بدوره، أفاد المؤلف المشارك في الدراسة، ليام تاونسند، وهو طبيب الأمراض المعدية في مستشفى سانت جيمس في بيان: "تبين أن الإرهاق يحدث بشكل مستقل عن الدخول إلى المستشفى ويؤثر على المجموعتين بالتساوي".
تاريخ أسود للتعب مع الفيروسات
وهذه ليست المرة الأولى التي يتسبب فيها فيروس تنفسي مماثل في التعب الشديد، ففي أعقاب وباء المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة "السارس"، والذي نتج أيضا عن فيروس كورونا، استعرضت دراسة نشرت عام 2011 في مجلة "BMC Neurology" مجموعة فرعية من المرضى من كندا الذين عانوا من مثل هذا التعب والإجهاد المستمر، لدرجة أنهم لم يتمكنوا حتى من العودة إلى العمل بعد عام من مرضهم، ومن بين 22 مريضاً عانوا من هذا، كان 19 منهم أيضا من النساء.
وأكدت الدراسة أن هناك أعداداً هائلة من المرضى الذين يتعافون من عدوى السارس-2 في جميع أنحاء العالم، إن عبء التعب الطويل بعد الإصابة سيضعف نوعية الحياة وسيكون له تأثير كبير على الأفراد وأرباب العمل وأنظمة الرعاية الصحية.