يوم الرابع من شهر أبريل 1841، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حادثة وفاة الرئيس وليم هنري هاريسون (William Henry Harrison) المنتمي لحزب اليمين. فبعد مضي شهر واحد على خطابه الافتتاحي الشهير الذي استمر نحو ساعتين يوم 4 مارس 1841، أصيب الرئيس يوم السادس والعشرين من نفس الشهر بنزلة برد حادة لازم على إثرها الفراش قبل أن يفارق الحياة، بعد أيام قليلة، عن عمر يناهز 68 عاماً تزامناً مع تشخيص أطبائه إصابته بالتهاب رئوي عجزوا عن علاجه.
ومع وفاة هاريسون، آلت رئاسة الولايات المتحدة الأميركية لنائبه جون تايلر (John Tyler) البالغ من العمر حينها 51 عاماً، حيث أصبح الأخير حينها الرئيس العاشر بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
خلافات مع هنري كلاي حول قانون
ومنذ بداية فترته الرئاسية، دخل تايلر في مشاكل مع العديد من الأطراف السياسية فاتهم بتجاوز صلاحياته ومخالفة الدستور من قبل عدد من المشرعين الأميركيين، وأثار غضب أعضاء حكومته لرفضه مواصلة سياسة هاريسون، كما أدت سياسته لخلق نزاع بينه وبين حزب اليمين، الذي انتمى إليه، وأدت في النهاية لطرده من الحزب بسبب أزمة إعادة هيكلة البنك الوطني.
فأثناء فترة حكم تايلر، هيمن حزب اليمين على غرفتي الكونغرس، حيث أحكم السيناتور هنري كلاي (Henry Clay)، المصنف كأهم شخصية بحزب اليمين، قبضته على مجلس الشيوخ، بينما كانت الأغلبية بمجلس النواب لدى نفس هذا الحزب الذي نشأ عام 1834 وجمع نسبة كبيرة من معارضي سياسة الرئيس الديمقراطي أندرو جاكسون.
ومع تولي أحد أفراد حزبه لمنصب الرئيس، آمن السيناتور هنري كلاي بإمكانية تمرير أجندته عن طريق تمرير قانون إعادة هيكلة البنك الوطني الذي تعذّر تحققه في السابق بسبب معارضة الديمقراطيين. وعقب عرضه على الكونغرس، وافق كل من مجلسي النواب والشيوخ على إعادة هيكلة البنك الوطني. لكن مع طرحه على مكتب الرئيس، استخدم جون تايلر حق النقض منتصف شهر أغسطس 1841 لإسقاط هذا القانون الذي أيّده كلاي مثيرا بذلك حالة من الغضب في صفوف أعضاء حزب اليمين.
ولتبرير موقفه، تحدّث تايلور عن رفضه لهذا القانون منذ سنوات، مؤكدا أنه يتعارض مع قيم الدستور. أيضا تحدّث الرئيس العاشر بتاريخ البلاد عن مساوئ البنك المركزي الذي سيعزز من سلطة الحكومة الفيدرالية على حساب الولايات. من ناحية أخرى، دافع السيناتور هنري كلاي وأنصاره عن إعادة هيكلة البنك الوطني منبهين لقدرة ذلك على إنهاء التقلب في قيمة العملة الأميركية ووضع حد للتحايل المصرفي.
الهجوم على البيت الأبيض
وتزامنا مع استخدام تايلر لحق النقض ضد القانون يوم 16 أغسطس 1841، اتجه العديد من مناصري البنك الوطني بالكونغرس رفقة مناصريهم، أغلبهم من أعضاء حزب اليمين، نحو البيت الأبيض. فتجمهروا أمامه وعمدوا لإطلاق أعيرة نارية بالسماء قبل أن يقذفوا مقر الرئيس بالحجارة تزامنا مع قرعهم للطبول وشتمهم لتايلر. وقد أثار كل ذلك الذعر في نفس الرئيس جون تايلر وعائلته الذين تواجدوا داخل المبنى واستاؤوا من قلّة الحراسة بالبيت الأبيض.
لاحقا، حلّت مجموعة أخرى من مناصري حزب اليمين الغاضبين أمام البيت الأبيض وعمدوا لشنق دمية على شكل جون تايلر وأحرقوها وسط ذهول جميع من تواجدوا بمقر الرئاسة.
وعلى الرغم من هذا التهديد، واصل جون تايلر رفضه لقانون البنك الوطني ومشاريع هنري كلاي وقد أدى ذلك لطرده من حزب اليمين وبدء عدد من النواب بإجراءات سحب الثقة منه تمهيدا لعزله. بالتزامن مع ذلك، أثارت هذه الاحتجاجات العنيفة أمام البيت الأبيض قلق مسؤولي مقاطعة كولومبيا الذين لجؤوا سريعا لإنشاء فرقة شرطة خاصة بالمقاطعة.