يوم طالب سفير أميركي بترك سفارة بلاده في موسكو تحترق!

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، غاص العالم في ويلات الحرب الباردة التي وضعت وجهاً لوجه الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية. وخلال هذا النزاع غير المعلن والمشحون بالتوترات والخلافات، اتجه كلا الطرفين لإنشاء تحالفات عسكرية مع دول أخرى وإنفاق أموال طائلة على الأسلحة النووية والقدرات القتالية والحروب غير المباشرة باستخدام وكلاء.

من ناحية أخرى، لعبت أجهزة المخابرات دوراً هاماً بالحرب الباردة حيث ساهمت كل من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي إي إي) ولجنة أمن الدولة السوفيتية (كي جي بي) في نقل معلومات حساسة عن الطرف الآخر ولعبت دوراً هاماً في قلب أنظمة الحكم بالعديد من الدول.

وإضافة لجهاز التنصت السوفيتي بإقامة سباسو هاوس (Spaso House) الذي اعتمد كمكان إقامة للسفراء الأميركيين في الاتحاد السوفيتي، يذكر التاريخ حادثة حريق السفارة الأميركية بموسكو عام 1977 الذي جاء ليثير حالة من الجدل والاحتقان بين الأميركيين والسوفيت.

حفل عشاء وحريق

تعود أطوار هذه الحادثة لمساء يوم 26 أغسطس 1977. فأثناء تواجده بإقامة سباسو هاوس، تلقى المسؤول والدبلوماسي الأميركي، الذي كان عيّن قبل بضعة أسابيع من التاريخ المذكور، جيمس شومايكر (James Schumaker) اتصالاً هاتفياً من زميله جاك ماتلوك (Jack Matlock) طالبه خلاله بضرورة تحديد مكان السفير الأميركي مالكولم تون (Malcolm Toon)، الذي عيّن مطلع العام 1977 سفيراً أميركياً بموسكو من قبل الرئيس جيمي كارتر، لإخباره باندلاع حريق مريب في مقر السفارة الأميركية.

إلى ذلك، تواجد السفير مالكولم تون حينها بمقر إقامة السفير الروماني لحضور حفل عشاء. وحال سماعه للخبر، غادر الأخير المكان على عجل ليحل بمقر السفارة، الذي التهمت النيران قسماً هاماً منه، ليساهم، مع عدد من الدبلوماسيين الأميركيين، في جهود إخلاء السفارة.

وثائق سرية اختفت

وفي الأثناء، حلّت شاحنات الإطفاء السوفيتية بالقرب من مقر السفارة. وبسبب اعتبارها موقعاً أميركياً، احتاج رجال الإطفاء لإذن من السفير مالكولم تون لدخول السفارة.

في غضون ذلك، شكك تون في إمكانية تواجد عملاء تابعين للجنة أمن الدولة السوفيتية (كي جي بي) متنكرين بزي رجال إطفاء وتخوّف من قيامهم بسرقة معدات ووثائق سرية من مقر السفارة حال دخولهم. وأمام هذا الوضع، أجاب السفير رجال الإطفاء السوفيت قائلاً: "دعوها تحترق".

لاحقاً، وافق تون، عقب جولة مفاوضات، على دخول رجال الإطفاء السوفيت مقر السفارة شريطة أن يكونوا مصحوبين بعدد من الدبلوماسيين والأمنيين الأميركيين العاملين بالمبنى.

ولحسن حظ الجميع، لم يخلّف الحريق أية إصابات. وخلال الأيام التالية، تحدّث الدبلوماسيون الأميركيون عن اختفاء وثائق سرية خاصة بالسفارة واتهموا الجانب السوفيتي بسرقتها. وكرد على ذلك، رفض رجال الإطفاء السوفيت الأمر واستنكروا الاتهامات الأميركية بينما أكّد الجنرال فكتور سوكولوف (Viktor Sokolov)، المسؤول عن قسم المطافئ بالداخلية السوفيتية، عن عدم امتلاكه لعملاء مخابرات تحت إمرته.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: