خلال العام 1796، نجح مرشح الحزب الفيدرالي جون أدامز (John Adams) في تحقيق نصر صعب على منافسه المنتمي للحزب الجمهوري الديمقراطي توماس جيفرسون (Thomas Jefferson) ليصبح بذلك ثاني رئيس بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية عقب قرار الرئيس السابق، والأول بتاريخ البلاد، جورج واشنطن الابتعاد عن السياسة وعدم الترشح لولاية ثالثة.
مرشحا الحزبين الأساسيين
ومع اقتراب انقضاء فترته الرئاسية، حصل جون أدامز على مباركة الحزب الفيدرالي لخوض غمار السباق الرئاسي لعام 1800 حيث فضّل الفيدراليون حينها ترشيحه لولاية ثانية بسبب شعبيته الهامة وتصنيفه كأهم رموز الحزب الفيدرالي حينها. ومرة ثانية، وجد أدامز نفسه وجها لوجه مع مرشح الحزب الجمهوري الديمقراطي توماس جيفرسون. فبعد مشاورات عدة، كسب جيفرسون مرة أخرى ثقة الحزب الجمهوري الديمقراطي عقب تصنيفه بالمرشح الأوفر حظا بالحزب.
إلى ذلك، شهدت الفترة التي سبقت موعد الانتخابات نزاعا كبيرا بين الحزبين الجمهوري الديمقراطي والفيدرالي، حيث تراشق الحزبان العديد من التهم التي بلغت حد التشكيك في ولاء الطرف الآخر للوطن. وفي خضم هذا السباق الرئاسي، رشّح الحزب الجمهوري الديمقراطي السيناتور السابق عن ولاية نيويورك آرون بور (Aaron Burr) لمنصب نائب الرئيس بينما وقع اختيار الفيدراليين على بطل حرب الاستقلال وسفير الولايات المتحدة الأميركية السابق بفرنسا تشارلز بينكني (Charles C. Pinckney) لمرافقة مرشحهم جون أدامز والظفر بمنصب نائب الرئيس.
أزمة انتخابات عام 1800
في الأثناء، جاءت انتخابات العام 1800 المصنفة كرابع انتخابات بتاريخ الأميركيين لتبرز أحد أسوأ نقائص المجمع الانتخابي. فخلال تلك الفترة، لم يحدد المشرعون مادة بالدستور الأميركي للتفرقة بين عملية التصويت للرئيس ونائب الرئيس بالمجمع الانتخابي. وبالتالي، حظي كل عضو بالمجمع الانتخابي على صوتين كان قادرا على منحهما لأي مرشح يريده، سواء مرشح لمنصب الرئيس أو نائب الرئيس، على أن يعلن صاحب أكبر عدد أصوات رئيسا للبلاد. وبسبب هذه الثغرة، كان من العادي أن يحصل نائب الرئيس على منصب الرئيس في حال تفوقه على بقية المنافسين بالمجمع الانتخابي.
ومع صدور نتائج المجمع الانتخابي، وجد الأميركيون أنفسهم في وضعية صعبة. فبينما حصل جون أدامز على 65 صوتا وبينكني على 64 صوتا، تساوى مرشحا الحزب الجمهوري الديمقراطي في عدد الأصوات فنال مرشح الرئاسة جيفرسون 71 صوتا وحصل المرشح لمنصب نائب الرئيس آرون بور على 71 صوتا أيضا. وبسبب هذا التساوي في عدد الأصوات، لم يتمكن الأميركيون من تحديد رئيس بلادهم فلجأوا لمجلس النواب أملا في العثور على مخرج لهذه الأزمة.
مجلس النواب وشبح الحرب الأهلية
وأمام حالات التساوي في عدد الأصوات، نص الدستور الأميركي على نقل عملية التصويت لمجلس النواب على أن تحظى كل ولاية بصوت واحد تمنحه لأحد المرشحين أملا في تحديد الرئيس.
وخلال تلك الفترة، حظي الفيدراليون بأغلبية بمجلس النواب فوجدوا أنفسهم أمام مهمة صعبة لتحديد رئيس من مرشحين ينتميان للحزب الجمهوري الديمقراطي مثّل كلاهما شخصيات مكروهة لدى أعضاء الحزب الفيدرالي الذين عارضوا بشدة سياسة جيفرسون واعتبروا آرون بور انتهازيا.
ومع بداية هذه الأزمة، عاش الأميركيون على وقع حالة من الخوف حيث عمدت بعض الولايات كبنسلفانيا وفرجينيا لحشد المليشيات المسلحة استعدادا لإمكانية اندلاع حرب أهلية في حال عدم تحديد رئيس للبلاد.
التعديل الثاني عشر
بعد مشاورات استمرت 36 ساعة، تنفس الأميركيون الصعداء، حيث وافق مجلس النواب على تعيين جيفرسون رئيسا للبلاد وآرون بور نائبا للرئيس. ولتجنب تكرار هذه الأزمة، مرّر الكونغرس ما بين عامي 1803 و1804، قبل انتخابات عام 1804، التعديل الدستوري الثاني عشر الذي فصل بين عملية التصويت لصالح كل من الرئيس ونائب الرئيس. وبموجب ذلك، حصل كل عضو بالمجمع الانتخابي على صوتين على أن يدلي بأحدهما لمرشح للرئاسة بينما يدلي بالآخر لمرشح لمنصب نائب الرئيس.