أسوأ حادث بتاريخ فرنسا.. قتل خلاله مئات الجنود بلحظات

في خضم الحرب العالمية الأولى، اهتزت فرنسا منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 1917 على وقع أسوأ كارثة سكك حديدية على مر تاريخها. فعقب سنة شهدت مقتل مئات آلاف الفرنسيين بمعارك مالميزون (Malmaison) وهجوم نيفيل (Nivelle) ومعركة باشنديل (Passchendaele)، ذهل الفرنسيون عند سماعهم لخبر مقتل المئات من جنودهم بحادث قطار أثناء عودتهم لمنازلهم لقضاء إجازة أعياد الميلاد رفقة عائلاتهم.

وبسبب حالة الحرب التي عاشت على وقعها البلاد، أخفت القيادة العسكرية الفرنسية العديد من المعلومات حول هذا الحادث أملا في الحفاظ على معنويات جنودها.

إجازة أعياد الميلاد

عقب الهزائم الإيطالية ضد النمساويين والألمان بمعركة كابوريتو (Caporetto) أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر 1917، أرسل الفرنسيون وحدات عسكرية لدعم حلفائهم الإيطاليين الذين واجهوا مصاعب عديدة منذ دخولهم الحرب عام 1915.

ومع استقرار الجبهة الإيطالية بعد نحو شهر، وافق الجنرال الفرنسي إيميل فايول (Émile Fayolle) على منح عدد من جنوده، الذين قاتلوا في وقت سابق من الحرب على الجبهة الشرقية ضد الألمان، رخصة للعودة لمنازلهم لقضاء عطلة أعياد الميلاد رفقة عائلاتهم. وأملا في إعادة هذا الكم الهائل من الجنود لديارهم، اتجهت إدارة النقل العسكري الفرنسية لاستغلال خطوط السكك الحديدية الإيطالية والفرنسية موفرة بذلك العديد من العربات والقاطرات.

يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 1917، غادر القطار المنكوب، الذي تكوّن من 17 عربة ركاب وعربة قاطرة، مدينة باسانو ديل غرابا (Bassano del Grappa) حاملا على متنه حوالي 1200 جندي فرنسي، انتموا جميعا لفيلقي المشاة 46 و47، ممن نجوا من أهوال المعارك بالشمال الإيطالي وتفاءلوا بالعودة لمنازلهم لرؤية ذويهم أثناء فترة أعياد الميلاد.

مستشفيات تحولت لغرف موتى

أثناء تواجده بمنحدر ما بين منطقتي مودان (Modane) وسانت ميشال دي موريان (Saint Michel de Maurienne) يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 1917، فقد السائق السيطرة على القطار الذي قدّر وزنه بأكثر من 530 طنا وهو فارغ. وبسبب عدم قدرة السائق على التحكم في السرعة والفرامل، حاد القطار عن مساره وانفصلت العديد من عربات الركاب عن العربة القاطرة قبل أن ترتطم ببعضها وتتحول جميعها بعد دقائق لكومة من الحديد والخشب الملتهب تزامنا مع اندلاع حريق هائل بالمكان.

وعلى عين المكان حلّت فرق الإسعاف للبحث عن الناجين. وتزامنا مع تواصل عمليات البحث والإنقاذ، تحوّلت مستشفيات مدينتي مودان وسانت ميشال دي موريان لغرف موتى حيث توافدت عليها خلال الساعات التالية أعداد كبيرة من الجثث المشوهة والمتفحمة.

675 قتيلا ومئات الجرحى

بادئ الأمر، أحصت السلطات الفرنسية 425 قتيلا تم التعرف على جثث 128 واحدا منهم فقط كما تم الحديث أيضا عن إصابة المئات بجروح متفاوتة الخطورة. وخلال اليوم التالي، حضر 183 جنديا فقط أثناء عمليات إحصاء الناجين من الكارثة.

إلى ذلك، مارست القيادة العسكرية الفرنسية تعتيما إعلاميا حول مجريات هذه الكارثة واتجهت لدفن الضحايا بمقبرة سانت ميشال دي موريان كما شيّدت لهم نصبا تذكاريا بحلول العام 1923. لاحقا، سجّل عدد قتلى هذا الحادث ارتفاعا سريعا واستقر عند 675 قتيلا ليصنّف بذلك كأكبر حادث قطار دموي بتاريخ فرنسا.

سنة 1962، اتجهت السلطات الفرنسية لفتح قبور ضحايا هذا الحادث، الذي يعود لأواخر العام 1917، لتنقل على إثر ذلك الجثث نحو مقبرة عسكرية بمنطقة فيلوربان (Villeurbanne) الواقعة شمال شرق ليون (Lyon).

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: