تعد صناعة الأزياء العالمية أحد أكبر القطاعات الصناعية في العالم بقيمة تقدر بنحو 2.4 مليار دولار، ويعمل في هذا المجال أكثر من 300 مليون شخص، وفقًا لشركة الاستشارات ماكينزي.
ونما هذا القطاع خلال العقد الماضي بنسبة 5.5% سنويًا في جميع أنحاء العالم، وحققت أرباحًا كبيرة في عواصم الموضة العالمية نيويورك ولندن وباريس وميلانو.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فبلغت مبيعات الملابس نحو 12.3 مليار دولار خلال العام 2018، بمعدل نمو بلغ 4.8%.
سبب رئيس لتغير المناخ
على الرغم من الأرباح الهائلة التي حققتها صناعة الأزياء، فشل هذا القطاع على مدار أعوام طويلة في تحقيق إصلاح شامل.
فالموضة تعد أحد العوامل المساهمة في تلوث كوكبنا، لاستهلاكها طاقة كبيرة وموارد عدة في عمليات صنع الملابس؛ إذ إن إنتاج قميص قطني واحد – على سبيل المثال – يحتاج إلى نحو 2700 لتر من المياه، فهذه الصناعة تعد ثاني أكبر مستهلك لإمدادات المياه في العالم بشكل عام.
فضلًا عن أنها مسؤولة عن إنتاج ما يقدر بنحو 92 مليون طن من النفايات كل عام، أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية.
ويعود السبب في ذلك إلى وتيرة الأزياء السريعة وإنتاج الملابس الرخيصة ذات العمر الافتراضي القصير لمواكبة أحدث إصدارات الموضة، ما جعل هذه الصناعة مصدر قلق حقيقي خاصة وأنها أصبحت مسؤولة عن 10% من انبعاثات الكربون العالمية بشكل عام.
مستقبل الموضة
بإمكان التقنية أن تجد حلولًا للعديد من مشكلات صناعة الأزياء، ولهذا أدخلت تقنيات جديدة في عمليات البحث والتصنيع والإنتاج والمبيعات، ابتداء من توفير روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى إقامة عروض الأزياء الرقمية، ومؤخرًا بدأت تدخل إليها تقنيات الهندسة الحيوية والواقع الافتراضي مشكلة بوادر ثورة في هذه الصناعة، فمن الاتجاهات المبتكرة المرتقبة والمدعومة بالتقنية في صناعة الأزياء:
- الأقمشة المصنوعة من الطحالب والبرتقال والأناناس
تعد الاستدامة من أهم التحديات التي تواجه صناعة الأزياء، إذ تشكل المنسوجات غير المتجددة وغير القابلة للتحلل التي ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، مصدرًا رئيسًا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وأحد مسببات تغير المناخ. لكن الهندسة الحيوية تمكننا من صنع مواد بديلة جديدة دون أي تأثير سلبي على البيئة.
فبوسع الهندسة الحيوية مثلًا، إنتاج البروتينات الحيوانية التي تُستخدم في صناعة المنسوجات التقليدية، مثل الكولاجين والكيراتين، وتنميتها من الخميرة أو البكتيريا المهندسة. وشملت المواد المصنوعة حتى الآن الحرير والجلد، وكلاهما قابل للتحلل. أما الكائنات الحية الواعدة الأخرى التي تسخّر من أجل صناعة المنسوجات، فتشمل الطحالب التي تستخدم لإنتاج نسيج يشبه الغزل الصوفي، وهو قوي ومرن بشكل مدهش.
وبدأت العلامات التجارية المشهورة مثل «إتش آند إم» بتجربة هذه المواد وبدائل أخرى مثل قشر البرتقال والأناناس لتصنيع القماش. لكن ما زال يتعذر حتى الآن الإنتاج على نطاق واسع، ما يشكل تحديًا أمام هذه الصناعة يتطلب منها مزيدًا من الابتكار
- بلوكتشين للأزياء
قد لا تكون الموضة أول ما يتبادر إلى ذهنك عند التفكير بتقنية بلوكتشين. لكنها في الواقع أحد الحلول الفعالة لمشكلة المنتجات المقلدة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، والتي تؤثر بشدة على صناعة الأزياء.
ولا يقتصر التقليد وتأثيراته السلبية على قطاع الأزياء فحسب، بل يمتد ليطال الإلكترونيات ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية.
إذ ضبطت في العام 2016 سلع مزيفة بقيمة 509 مليار دولار، وبلغت قيمة السلع الاستهلاكية المقلدة عالية الجودة 98 مليار دولار في العام 2017. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، ووفق دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، بلغت قيمة البضائع المقلدة المحجوزة في العام 2018 نحو 332 مليون درهم.
لكن قد تقدم تقنية بلوكتشين أخيرًا الحل الأمثل لتمكين الأفراد من تمييز بضاعة الأزياء الأصلية من تلك المزيفة. إذ يمكن أن توفر بلوكتشين معلومات مؤكدة غير قابلة للتحوير والعبث عن المنتج، وتتاح بسهولة للمستهلك. وبإمكان هذه التقنية أيضًا دعم السوق المتنامي للسلع المستعملة.
- الواقع الافتراضي والمعزز في التجارة الإلكترونية
قد يصبح بوسعك في المستقبل زيارة متجر افتراضي وتجربة الملابس التي أعجبتك على الصورة الرمزية الافتراضية بنقرة زر واحدة.
إذ ستتيح التقنيات للعلامات التجارية إمكانية اصطحاب زبائنها في رحلة إلى عوالم افتراضية مبتكرة، تخيل مثلًا علامة تجارية تعرض أحدث مجموعاتها في حفل إطلاق رقمي، فضلًا عن الاعتماد على الواقع الافتراضي والمعزز لتحسين خدمة العملاء وإنشاء عروض أزياء رقمية مع نماذج ثلاثية الأبعاد وعناصر أزياء هولوجرامية.
The post اتجاهات مستقبلية لصناعة الأزياء: الاستدامة والبلوكتشين والواقع الافتراضي appeared first on مرصد المستقبل.