استغرق 16 ساعة.. أول اتصال بين الأوروبيين والأميركيين

ما بين أربعينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر، تعالت بأوروبا والولايات المتحدة الأميركية الأصوات المطالبة بإحداث خط تلغراف يربط بين القارتين الأوروبية والأميركية لتقصير المسافة وتسهيل عملية التواصل بين سكان هاتين المنطقتين اللتين فصل بينهما المحيط الأطلسي.

وإضافة للسفير البريطاني بالولايات المتحدة الأميركية السير إدوارد ثورنتون (Sir Edward Thornton)، أكد المخترع الأميركي صمويل مورس (Samuel Morse)، الذي يرجع الفضل له في اختراع التلغراف وشفرة مورس، على ضرورة ربط القارة الأوروبية بنظيرتها الأميركية عن طريق كابل تلغراف يعبر المحيط الأطلسي لنقل المعلومات بشكل أسرع من البريد وتسهيل حياة ساكني كلا القارتين.

أول خط ربط القارتين

في حدود العام 1850، نجحت فرنسا وبريطانيا في إنشاء كابل تلغراف عبر بحر المانش وربط بين البلدين. وخلال العام التالي، حاول المهندس والمخترع البريطاني فريدريك نيوتن جيسبورن (Frederic Newton Gisborne) إنشاء خط مماثل للربط بين منطقتي نيوفندلاند ونوفا سكوتيا الكنديتين. وعقب حصوله على ترخيص، اتجه هذا المهندس لإنجاز مشروعه الطموح الذي لقي فشلا ذريعا بسبب إفلاس مؤسسته عام 1853. وعلى إثر ذلك، وجد فريدريك نيوتن جيسبورن نفسه قابعا بالسجن بسبب تراكم الديون التي عجز عن سدادها.

خلال الأشهر التالية، استدعى رجل الأعمال الأميركي سايروس ويست فيلد (Cyrus West Field) المخترع فريدريك نيوتن جيسبورن لمنزله واقترع عليه مواصلة مشروعه ونقله لمدى أبعد عن طريق بنشاء خط تلغراف يربط القارة الأميركية بنظيرتها الأوروبية مرورا بجزيرة نيوفندلاند.

واعتمادا على مؤسسة الأطلسي للتلغراف التي أدار شؤونها، باشر سايروس ويست فيلد عام 1854 بمهمة إنشاء خط التلغراف العابر للمحيط. وعقب أربع محاولات فاشلة، تمكنت السفن الأميركية والبريطانية صيف عام 1858 من ربط نيوفندلاند بأيرلندا عن طريق إلقاء أكثر من 3 آلاف كلم من الكابلات بالمحيط الأطلسي.

رسالة من الملكة للرئيس الأميركي

إلى ذلك، تعطّل كابل التلغراف العابر للمحيط الأطلسي بعد 3 أسابيع فقط. وعقب رسالة تجريبية أولى، استغل هذا الكابل لإرسال رسالة قصيرة، تكونت من 98 كلمة، من الملكة فيكتوريا للرئيس الأميركي جيمس بيوكانان (James Buchanan) أثنت من خلالها الأخيرة لنظيرها الأميركي على حسن العلاقات الأميركية البريطانية وصلابتها متمنية أن يساهم خط التلغراف العابر للمحيط الأطلسي في تقريب المسافة بين الشعبين.

من ناحية ثانية، استغرقت عملية إرسال كلمة الملكة فيكتوريا للرئيس الأميركي بيوكانان 16 ساعة وهو ما مثّل مدة قصيرة مقارنة بعملية ارسال الرسائل عبر السفن التي احتاجت أحيانا لأكثر من 10 أيام لعبور المحيط الأطلسي.

بحلول العام 1865، استغل الأميركيون والبريطانيون سفينة أس أس غريت إسترن (SS Great Eastern) لإلقاء كابل تلغراف، أكثر تطورا، بالمحيط الأطلسي. وقد استغل هذا الكابل لفترة وجيزة قبل أن يتم التخلي عنه لصالح كابل ثالث عرف النور خلال شهر تموز/يوليو 1866.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: