بمؤامرة.. عُزل زعيم الاتحاد السوفيتي وأصابته الكآبة

أطلق نيكيتا خروتشوف سياسة اجتثاث الستالينية لقلب صفحة الماضي الستاليني ورد الاعتبار لضحايا ربع قرن من حكم جوزيف ستالين.

وعقب وفاة ستالين يوم 5 آذار/مارس 1953، تمكن خروتشوف من بلوغ سدة الحكم تدريجياً، ليدخل بذلك الاتحاد السوفيتي مرحلة جديدة من تاريخه.

فمع خروتشوف، اتجهت موسكو لطي صفحة ربع قرن من الحكم الستاليني.

وحال نجاحه في إحكام قبضته على السلطة، باشر خروتشوف بداية من العام 1956 باعتماد سياسة اجتثاث الستالينية عن طريق تعديد الفظائع التي ارتكبت أثناء فترة حكم ستالين والقطع مع الماضي.

وطيلة فترة قيادته للاتحاد السوفيتي، عاصر خروتشوف العديد من الأزمات بالحرب الباردة كانت أبرزها أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت أن تتحول لحرب عالمية ثالثة.

ومقارنة بستالين، لم تدم فترة حكم خروتشوف طويلا. فعام 1964، أزيح الأخير بمؤامرة كان بطلها خلفه ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev).

أجبر على الاستقالة

إلى ذلك، وبداية من آذار/مارس 1964، اتجه بريجنيف لمناقشة عزل خروتشوف مع عدد من رفاقه بالحزب الشيوعي السوفيتي.

وبدلا من اعتقاله حال عودته من زيارة رسمية للدول الإسكندنافية خلال حزيران/يونيو 1964، فضّل بريجنيف التريث وجمع أكبر عدد من المناصرين لفكرة إنهاء حكم خروتشوف.

كذلك، حصل بريجنيف على الوقت الكافي للتخطيط لعملية إزاحة خصمه. فما بين يناير وسبتمبر عام 1964، غاب خروتشوف عن العاصمة موسكو لأكثر من 5 أشهر كانت آخرها أثناء زيارة قام بها لألمانيا الشرقية.

وأثناء تواجد القائد السوفيتي بأبخازيا لقضاء عطلته بشهر أكتوبر من نفس العام، جمع المتآمرون، بقيادة كل من بريجنيف وألكسندر شيليبين (Alexander Shelepin) ورئيس المخابرات فلاديمير سيميشاستني (Vladimir Semichastny)، أعضاء اللجنة المركزية بهدف حشد الدعم لعملية عزل خروتشوف.

بدوره، استدعى بريجنيف نظيره خروتشوف لموسكو يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر 1964، لحضور اجتماع عاجل حول المسائل الزراعية.

وعلى الرغم من الشكوك التي راودته حول طبيعة هذا الاجتماع، حلّ خروتشوف بالعاصمة ليجد نفسه محاطا برفاقه السابقين الذين وجهوا له وابلا من التهم كانت أبرزها سوء إدارة شؤون البلاد.

وأمام هذا الوضع، لم يبد خروتشوف أية مقاومة حيث قبل الأخير بكل ما صدر من زملائه ووافق على الاستقالة وهو يبكي متمنيا التوفيق للحزب والبلاد.

لاحقا، أجرت اللجنة المركزية اجتماعا قبلت خلاله بالاستقالة الطوعية لخروتشوف.

اكتئاب ووفاة

وخلافا لما حصل سابقا مع لافرينتي بيريا الذي أعدم سنة 1953 أثناء عملية خلافة ستالين، صوت المتآمرون لصالح الإبقاء على حياة خروتشوف مقابل محو سجله السياسي.

تزامنا مع ذلك، وضع القائد السوفيتي السابق تحت الإقامة الجبرية بمنزله ومنح راتبا تقاعديا قدر بنحو 500 روبل شهريا.

وعقب إرغامه على الاستقالة، أصيب بالاكتئاب داخل منفاه واضطر لاستخدام العديد من المسكنات والعقارات المضادة للاكتئاب.

في الأثناء، وبناء على تصريحات المقربين منه، قضى الزعيم السوفيتي السابق فترات طويلة من يومه في البكاء وهو شارد الذهن.

لاحقا، اتجهت السلطات السوفيتية لنقل خروتشوف نحو شقة أصغر وخفضت راتبه التقاعدي لحوالي 400 روبل.

فضلا عن ذلك، لم يحظ الأخير بزيارات كثيرة حيث فرض جهاز المخابرات رقابة صارمة على تحركات كل من حل للقاء خروتشوف الذي باشر بتأليف مذكراته.

ويوم 11 أيلول/سبتمبر 1971، توفي نيكيتا خروتشوف عن عمر ناهز 77 عاما عقب إصابته بنوبة قلبية. وخلافا لكل التوقعات، لم يحظ خروتشوف بجنازة وطنية رسمية.

وبدلا من أن يدفن بمقبرة سور الكرملين التي تواجدت بها رفات كبار قادة وجنرالات الاتحاد السوفيتي، دفن خروتشوف بمقبرة نوفوديفتشي (Novodevichy) تحت حراسة أمنية مشددة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: