خلال هذا العام.. أعدمت فرنسا رئيس وزرائها بتهمة الخيانة

عقب نجاح عملية تحرير فرنسا من القوات الألمانية، اتجه المقاومون الفرنسيون، رفقة قوات الحلفاء، لملاحقة الفرنسيين المتهمين بالتخابر والتعاون مع الألمان أثناء فترة الاحتلال الألماني التي شهدت ظهور حكومة فيشي (Vichy) العميلة. إلى ذلك، تمكن الفرنسيون خلال شهر مايو 1945 من وضع يديهم على صيد ثمين حيث وافقت إسبانيا على تسليمهم رئيس الوزراء السابق بحكومة فيشي بيار لافال (Pierre Laval) المتهم بقضايا خطيرة كانت أبرزها الخيانة والتخابر مع العدو وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

لافال قبل الحرب العالمية الثانية

وقد تخرّج بيار لافال، المولود يوم 28 يونيو 1883 بمنطقة شاتلدون (Châteldon)، في مجال الحقوق وأصبح محاميا بارزا قبيل الحرب العالمية الأولى. وسنة 1914، التحق الأخير بالبرلمان الفرنسي كممثل عن الاشتراكيين. وبسبب خلاف مع الحزب الاشتراكي عقب نهاية الحرب العالمية الأولى، غادر الأخير الحزب والتحق عام 1924 بالبرلمان كنائب مستقل.

بفضل حنكته السياسية، تقلّد بيار لافال العديد من المناصب الوزارية البارزة فعين عام 1926 وزيرا للعدل وحصل فيما بعد على حقيبة وزارة العمل كما اختير ليشغل منصب وزير الخارجية بحكومة ألبرت لوبران (Albert Lebrun). وأملا في دحض الخطر الألماني المتنامي بالشمال تزامنا مع صعود النازيين، حاول لافال منتصف الثلاثينيات إبرام اتفاقية تحالف مع كل من جوزيف ستالين والدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني (Benito Mussolini) إلا أن جهوده اصطدمت فيما بعد بالغزو الإيطالي لإثيوبيا عام 1936 لتعرف بذلك هذه المفاوضات فشلا ذريعا.

أثناء فترة ترأسه لمجلس الوزراء عام 1936، حاول لافال التصدي للتضخم والأزمة الاقتصادية بفرنسا عن طريق التخفيض في الأجور ليتسبب بذلك في تراجع الصناعة بنسبة 30%، تزامنا مع فقدان مئات آلاف الفرنسيين لوظائفهم.

خيانة وإعدام

عقب استسلام فرنسا للألمان خلال شهر يونيو 1940، لعب لافال دورا كبيرا في تعيين المارشال فيليب بيتان (Philippe Pétain) على رأس دولة فيشي العميلة للألمان التي ظهرت بفرنسا واتخذت من فيشي عاصمة لها.

وعلى إثر تعيينه مؤقتا كنائب لرئيس مجلس الوزراء، طرد لافال من منصبه بشكل مفاجئ خلال شهر ديسمبر 1940 من قبل المارشال بيتان. وفي حدود منتصف شهر أبريل 1942، ضغط الألمان على حلفائهم الفرنسيين وأجبروهم على تعيين بيار لافال رئيسا للحكومة لتبدأ بذلك فترة تعاون غير مسبوقة بين فيشي والنازيين.

وبعد مضي عام عن بداية عملية بربروسا ضد الاتحاد السوفيتي، ألقى لافال خطابا بالراديو يوم 22 يونيو 1942 مجّد من خلاله نظام أدولف هتلر ووصف الألمان بحصن الغرب ضد البلشفيين. من ناحية أخرى، وافق لافال على دعم مجهودات الحرب الألمانية ضد الاتحاد السوفيتي وساهم في إرسال أعداد كبيرة من المتطوعين الفرنسيين للقتال على الجبهة الشرقية. أيضا، تؤكد العديد من المصادر على تورط حكومة لافال في أعمال تخابر مع الألمان وفرق الأس أس (SS) أدت لاعتقال العديد من اليهود الفرنسيين وإرسالهم لمعسكرات الإبادة بأوشفيتز.

عقب دخول قوات الحلفاء لفرنسا وتحريرها من النازيين، حاول لافال الفرار نحو إسبانيا ليعتقل هنالك من قبل سلطات الدكتاتور فرانكو التي وافقت على تسليمه للفرنسيين تجنبا لمشاكل مع الحلفاء.

يوم 4 أكتوبر 1945، مثل لافال أمام القضاء الفرنسي لتوجه إليه جملة من التهم كالخيانة والتخابر مع أطراف أجنبية. وبعد 5 أيام، أقر القضاء التهم الموجهة ضد بيار لافال ليصدر في حقه حكم بالإعدام. وأثناء تواجده بزنزانته، حاول لافال الانتحار عن طريق شرب السيانيد إلا أن محاولته كللت بالفشل عقب تدخل الأطباء. ويوم 15 أكتوبر 1945، نفّذ الحكم في حق رئيس وزراء حكومة فيشي الفرنسية السابق حيث أعدم بيار لافال رميا بالرصاص قرب سجن فراسن (Fresnes).

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: