لهذا السبب..فرضت روسيا ضريبة على أصحاب اللحى

عقب استفراده بعرش روسيا تزامنا مع وفاة أخيه غير الشقيق إيفان الخامس (Ivan V) يوم 8 شباط/فبراير 1696، تمكن القيصر الروسي بطرس الأكبر (Peter I) من تغيير روسيا حيث أذل الأخير العثمانيين وانتزع منهم منطقة آزوف (Azov) خلال نفس السنة واتجه لتأسيس مدينة سانت بطرسبرغ (Saint Petersburg) التي سرعان ما جعل منها عاصمة جديدة لإمبراطوريته بدلا من موسكو كما خاض حربا ناجحة ضد السويديين تمكن خلالها من ضم أراض جديدة لروسيا التي تحوّلت بفضل ذلك لقوة إقليمية جديدة بأوروبا.

إلى ذلك، لم تخل فترة حكم بطرس الأكبر من الغرائب. فعلى الرغم من الازدهار الذي شهدته روسيا أثناء فترة حكمه، عمد القيصر الروسي لسجن زوجته وقتل ابنه ألكسيي بيتروفيتش (Alexei Petrovich)، كما أباد قوات الستريلتسي (Streltsy)، واتجه لفرض قوانين وضرائب غريبة كانت من بينها ضريبة اللحية.

السفارة الكبرى وأزمة اللحية

ما بين عامي 1697 و1698، قاد القيصر الروسي بطرس الأكبر رحلة دبلوماسية، عرفت بالسفارة الكبرى (The Grand Embassy)، نحو العديد من مدن عدّة بأوروبا الغربية. وعقب مروره بهولندا وبروسيا وإنجلترا وغيرها من مناطق غرب أوروبا، تأثر بطرس الأكبر بحياة الأهالي ونمط عيشهم ولاحظ التقدم الكبير الذي تمتّعت به هذه الدول مقارنة بوطنه روسيا التي حافظت على نمط حياة العصور الوسطى. أيضا، انبهر القيصر الروسي بالتقدم التكنولوجي والعلمي لأوروبا الغربية وتشاءم من التخلف الذي عانت منه بلاده التي هيمن عليها بشكل كبير رجال الدين والمتدينون.

بالتزامن مع عودته لروسيا عام 1698 وقضائه على الستريلتسي، اتجه بطرس الأكبر للقطع مع كل ما اعتبره مظهرا من مظاهر تخلّف روسيا. وفي سعيه للتشبه بالدول التي زارها أثناء السفارة الكبرى، حاول القيصر الروسي تغيير مظهر الروسيين لجعلهم مشابهين لسكان أوروبا الغربية. وتزامنا مع رفضه للموضة الروسية العتيقة، انتقد بطرس الأكبر انتشار اللحى بين الروس وسعى جاهدا لإجبار رعيّته على حلقها. وخلال أحد الاجتماعات، لجأ الإمبراطور الروسي للقيام بشيء غريب حيث سحب موسى حلاقة وعمد لحلق لحية عدد من الحاضرين كان من ضمنهم أحد كبار جنرالاته ورجال كنيسة.

ضريبة اللحية

ولإجبار رعيته على حلق لحاهم، فرض القيصر الروسي ضريبة اللحية بجميع المدن. وبسبب ذلك، اضطر كل من حافظ على لحيته لدفع ضريبة باهظة لخزينة الدولة. إلى ذلك، اختلفت ضريبة اللحية حسب مكانة الأفراد بالمجتمع الروسي. فبينما أجبر كبار التجار على دفع 100 روبل سنويا مقابل الحفاظ على اللحية، أجبر العاملون بالبلاد الإمبراطوري وأعضاء الحكومة والعسكريون والتجار العاديون وبقية سكان المدن على تقديم 60 روبل سنويا لخزينة الدولة. من ناحية أخرى، اختلفت قيمة هذه الضريبة بالعاصمة السابقة موسكو التي اعتبرت القلب النابض لرجال الدين والكنيسة الأرثوذكسية لتقدر بنحو 30 روبل فقط كما قدّم سكان المناطق الريفية مبالغ أخرى ضئيلة مقابل اللحية.

في الأثناء، لقي هذا القانون الجديد الذي أرساه بطرس الأكبر معارضة شديدة من قبل الأهالي. فبالنسبة للروس، مثلت اللحية رمزا دينيا افتخروا به ورفضوا التخلي عنه. وأملا في تطبيق القانون، جاب رجال شرطة القيصر الروسي أحياء المدن الروسية وحلقوا باستخدام القوة لحية كل شخص امتنع عن دفع الضريبة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: