“مدمر موسكو”.. صديق لستالين تسبب في مجاعات وقتل الآلاف

خلال عهد جوزيف ستالين، عاش الاتحاد السوفيتي على وقع أكثر فترة دموية بتاريخه حيث أسفرت المجاعات والإعدامات ومراكز العمل القسري بالمناطق النائية من البلاد عن وفاة ما لا يقل عن عشرين مليون شخص خلال ربع قرن. فخلال فترة التطهير العظيم لوحدها التي تلت اغتيال سيرغي كيروف (Sergueï Kirov)، أعدم ستالين ما بين 1936 و1938 نحو 700 ألف شخص كان من ضمنهم أعضاء بالحزب وعسكريون.

وفي خضم هذه الحقبة الستالينية، حظي الرجل الحديدي، أي جوزيف ستالين، بمساعد فريد من نوعه حمل اسم لازار كاغانوفيتش (Lazar Kaganovich). ومقارنة ببقية الرفاق والمساعدين الذين أعدمهم من أمثال بوخارين ويجوف، فضّل ستالين الاحتفاظ بلازار كاغانوفيتش الذي مثّل رجل المواقف الصعبة بسبب ارتباط اسمه بالمزارع الجماعية والمجاعات والتطهير العظيم والشرطة السرية.

وقد ولد لازار كاغانوفيتش يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1893 بمنطقة كييف، التي كانت حينها جزءا من الإمبراطورية الروسية القيصرية، لعائلة يهودية فقيرة خلال فترة اتسمت بسياسة التمييز ضد اليهود بالبلاد حيث منع أتباع الديانة اليهودية حينها من الالتحاق بالمعاهد والجامعات كما مورست ضدهم أعمال عنف بمناطق عدّة. وخلال طفولته، عمل كاغانوفيتش بالمصانع واختص بمهام عدة تراوحت أساسا بين صناعة الأحذية وتحميل السلع.

وخلال العام 1911، التحق هذا الشاب البالغ من العمر 17 عاما بالحزب البلشفي ولعب دورا هاما في خضم الثورة البلشفية عام 1917.

مجاعات وحوادث قطارات

مع رحيل لينين وحصول ستالين على السلطة المطلقة، كلّف كاغانوفيتش عام 1928 بالإشراف على الزراعة الجماعية. وأملا في توفير القمح والخبز لكامل الشعب، حددت السلطات السوفيتية كميات من القمح أجبرت الفلاحين على تسليمها للدولة. في الأثناء، لجأ كاغانوفيتش لمعاقبة الفلاحين الذين فشلوا في جمع الكميات المحددة عن طريق منعهم من التنقل والتجارة. وبسبب ذلك، تفشت المجاعة بمناطق عدة وخاصة بأوكرانيا الحالية وأدوت بحياة ملايين الأوكرانيين ما بين عامي 1932 و1933.

سنة 1934، أصبح لازار مفوض الشعب لشؤون للسكك الحديدية بناء على أوامر ستالين. ومنذ استلامه لمنصبه، اتجه الأخير لإصلاح هذا القطاع المهترئ والمتميز بكثرة الحوادث. إلى ذلك، سلّط كاغانوفيتش أقسى العقوبات على المسؤولين عقب حوادث القطارات وقد تراوحت هذه العقوبات بين الإعدام والترحيل نحو مراكز العمل القسري المعروفة بالغولاغ.

أثناء فترة كاغانوفيتش، تراجعت حوادث القطار بشكل لافت للإنتباه. فضلا عن ذلك، لعب الأخير دورا هاما في تحديث قطاع السكك الحديدية وإنشاء محطة قطارات موسكو. وفي خضم الحرب العالمية الثانية، ساهم كاغانوفيتش في تنظيم عمليات إجلاء للعديد من المدن السوفيتية باستخدام قطاع السكك الحديدية.

تخريب للتراث ونهاية مظلمة

وإضافة لتسببه بشكل مباشر في إعدام عشرات آلاف الأشخاص ممن اتهموا بالقيام بأعمال تخريبية، لعب كاغانوفيتش دورا بارزا في تخريب جزء هام من التراث التاريخي للعاصمة فلقّب بسبب ذلك بمدمر موسكو. فبعد تلقيه لأوامر من ستالين بإعادة تهيئة موسكو لجعلها مدينة حضارية تزامنا مع تزايد عدد السكان والسيارات بها، عمد كاغانوفيتش لتدمير عدد من المعالم القديمة وعلى رأسها كاتدرائية المسيح المخلص التي نسفت باستخدام المتفجرات.

من ناحية ثانية، رفض كاغانوفيتش الاصطفاف مع شقيقه ميخائيل عند ظهور إشاعات حول تورط الأخير في أعمال تخريبية عام 1941 حث فضّل هذا المسؤول السوفيتي حينها الحفاظ على ولائه لستالين. إلى ذلك، أقدم شقيقه ميخائيل على الإنتحار عن طريق إطلاق النار على نفسه لتجنب أهوال المحاكمات الستالينية.

في الأثناء، لعب كاغانوفيتش دورا هاما في ظهور نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrushchev) على الساحة السياسية. ففي منتصف الثلاثينيات، انتدب كاغانوفيتش خروتشوف لمساعدته في برنامج إعادة تهيئة موسكو. وبفضل ذلك، كسب خروتشوف مكانة هامة وتقلد فيما بعد العديد من المناصب المرموقة قبل أن يصبح قائدا للإتحاد السوفيتي عقب رحيل ستالين.

عام 1961، أقصى خروتشوف، عقب رحيل ستالين، كاغانوفيتش من الحزب. وبسبب ذلك، قضى الأخير ما تبقى من حياته في عزلة بعيدا عن الأنظار بإحدى شقق موسكو وفارق الحياة سنة 1991، قبيل أشهر عن سقوط الاتحاد السوفيتي، عن عمر ناهز 97 عاما.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: