مصمم نظام مراكز الاعتقال النازية.. رجل كان بمصحة عقلية!

منذ صعود الحزب وتولي أدولف هتلر لمنصب المستشار يوم 30 يناير 1933، سجلت أعداد معسكرات الاعتقال بألمانيا ارتفاعا سريعا، حيث لم يتردد النازيون في اللجوء لهذه الأماكن لعزل وسجن معارضيهم السياسيين وخاصة الشيوعيين منهم.

وبداية من أواخر الثلاثينيات، ارتفع عدد النزلاء بمعسكرات الاعتقال النازية حيث لم يتردد أدولف هتلر حينها في إرسال أعداد كبيرة من المعوقين والمرضى النفسانيين والشواذ نحو هذه المعسكرات.

إلى ذلك، يعد المسؤول الألماني بقوات الأس أس (SS) ثيودور إيكي (Theodor Eicke) أحد أهم الأشخاص الذين ساهموا في إنشاء نظام مراكز الاعتقال الجماعي بألمانيا، حيث حظي الأخير بثقة العديد من المسؤولين النازيين، من أمثال هنريش هملر وهرمان غورينغ، الذين أيدوا تطلعاته واقتراحاته.

فشل دراسي ومصحة عقلية

وخلال صباه، لم يكن ثيودور إيكي، المولود يوم 17 أكتوبر 1892، ناجحا في دراسته حيث غادر الأخير مقاعد الدراسة في السابعة عشرة من العمر قبل أن يلتحق فيما بعد بالجيش الألماني، تزامنا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى.

مع نهاية النزاع العالمي وتسريح ألمانيا لعدد كبير من جنودها حسب بنود معاهدة فرساي، انضم ثيودور إيكي للشرطة الألمانية فعمل مخبرا قبل أن يصبح فيما بعد شرطيا. لاحقا، التحق هذا الشاب بالحزب النازي واتجه لانتداب مزيد من المتطوعين لصالح فرقة الأس أس. وكتكريم على جهوده، منح هنريش هملر النازي ثيودور إيكي رتبة كولونيل بفرقة الأس أس.

سنة 1932، فرّ ثيودور إيكي نحو إيطاليا عقب اتهامه من قبل الشرطة الألمانية بالتخطيط لتفجير مقر أحد أحزاب المعارضة. ومع حصول أدولف هتلر على منصب المستشار، عاد هذا الكولونيل بقوات الأس أس لألمانيا ليجد نفسه بعد فترة وجيزة محبوسا بإحدى المصحات العقلية عقب خلاف حاد نشب بينه وبين مسؤول بالحزب النازي.

معسكر داشو

سنة 1933، وضع النازيون أول معسكر اعتقال بداشو (Dachau). وبناء على أوامر هتلر، طلب من هملر أن يجعل هذا المعتقل فريدا من نوعه ومختلفا عن بقية السجون الألمانية التي عجّت بالمجرمين العاديين. وأمام هذا الوضع، لجأ هنريش هملر للضغط من أجل إخراج ثيودور إيكي من المصحة العقلية لجعله بحلول أواخر شهر يونيو 1933 قائدا لهذا المعسكر.

أثناء تلك الفترة، وصف رودولف هوس (Rudolf Höss)، القائد المستقبلي لمعسكر الإبادة بأوشفيتز، معسكر داشو بالمرعب. فخلال فترة عمله كحارس بهذا المعسكر، تحدّث رودولف هوس عن العقوبات الجسدية القاسية التي تلقاها المساجين الذين كانوا من معارضي النظام النازي كما وصف أيضا عمليات الإعدام التي كانت مختلفة عن تلك التي أجريت سابقا.

تصميم نظام مراكز الاعتقال الجماعي

وعقب حصوله على ترقية عام 1934، أوكلت لثيودور إيكي مهمة إنشاء نظام يعتمد بجميع مراكز الاعتقال الجماعي. وانطلاقا من ذلك، وضع الأخير جملة من القوانين الأساسية التي طالبت الحراس بالانضباط التام وتنفيذ جميع الأوامر الموجهة لهم دون مناقشتها. كما أكد ثيودور إيكي أيضا على أهمية تشديد العقوبات الموجهة للمعتقلين وتحدّث عن ضرورة إعدامهم في حال إبدائهم لأية مقاومة. وإضافة لكل ذلك، يصنّف إيكي كأول من وضع الثياب المخططة بالأبيض والأزرق التي ارتداها المعتقلون وانتشرت بشكل سريع بكامل المعتقلات النازية الأخرى بأوروبا في خضم الحرب العالمية الثانية.

خلال السنوات التالية، انتشر النظام الذي وضعه إيكي نحو بقية معسكرات الاعتقال والإبادة حيث عمد جنود فرق الأس أس لتطبيقه بالحرف الواحد وهو ما أدى لارتفاع أعداد الوفيات بين المساجين بالمعسكرات.

يوم 26 فبراير 1943، قتل ثيودور إيكي عقب استهداف طائراته أثناء معركة خاركوف الثالثة على الجبهة الشرقية ليفارق بذلك الأخير الحياة عن عمر يناهز 50 عاما.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: