هكذا أجبرت فرنسا هايتي على دفع 150 مليون فرنك ذهبي

يوم 29 مارس 1818، تولى جان بيير بوير (Jean-Pierre Boyer)، أحد أبطال حرب الاستقلال، المنتمي للمولاتو (Mulato) رئاسة هايتي خلفا لألكسندر بيتيون (Alexandre Pétion) الذي فارق الحياة عقب صراع مرير مع مرض الحمى الصفراء.

وخلال السنوات الأولى من حكم جان بيير بوير، انسحبت إسبانيا من الجزء الشرقي للجزيرة عقب ثورة أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا. ويوم 30 نوفمبر 1821، اتجه المستعمرون البيض بهذه المستعمرة الإسبانية السابقة لإعلان استقلالهم وتأسيس دولة هايتي الإسبانية التي لم تتمكن من الصمود طويلا لتسقط خلال الفترة التالية في قبضة قوات جان بيير بوير الذي لم يتردد في توحيدها مع هايتي.

150 مليون فرنك ذهبي

وعلى الرغم من نجاحه في ضم أجزاء كبيرة من الجزيرة لهايتي، اضطر الرئيس جان بيير بوير لمواجهة أزمة جديدة تزامنا مع تولي شارل العاشر (Charles X) لمنصب ملك فرنسا يوم 16 سبتمبر 1824. فخلال تلك الفترة، عبّر الملك الفرنسي عن غضبه الشديد من الأحداث التي رافقت حرب استقلال هايتي.

وأمام هذا الوضع، اتجه شارل العاشر لمطالبة الهايتيين بتقديم تعويضات مالية على عمليات تخريب مزارع المستعمرين الفرنسيين إبان الاستقلال وعمليات إبادة السكان البيض على يد جاك ديسالين (Jacques Dessalines).

وأثناء المفاوضات حول قيمة التعويضات، عمدت فرنسا لإرسال ما يزيد عن 40 فرقاطة مدعومة بنحو 500 مدفع نحو سواحل هايتي للضغط على الهايتيين. ومع تخوّفه من عملية غزو جديدة لبلاده، قبل الرئيس جان بيير بوير يوم 11 يوليو 1825 بمطالب الفرنسيين ووافق على دفع مبلغ يعادل 150 مليون فرنك ذهبي تم تخفيضه فيما بعد لقرابة 90 مليون فرنك ذهبي.

إلى ذلك، اضطرت هايتي لدفع هذا المبلغ على أقساط سدد آخر قسط منها عام 1888. وفي الأثناء، وصفت الولايات المتحدة الأميركية ودول أميركا اللاتينية المستقلة حديثا قرار التعويضات بالاحتلال غير المباشر لهايتي. وكرد على ذلك، رفض الأميركيون وبقية شعوب أميركا اللاتينية الاعتراف باستقلالها وصنّفوها في المقابل بالمستعمرة الفرنسية.

ضرائب وثورة واستقلال

وأملا في ملء خزائن الدولة لسداد هذا المبلغ للفرنسيين، لجأ الرئيس جان بيير بوير لوضع قوانين جديدة عمد من خلالها لرفع قيمة الضرائب المفروضة على الفلاحين الذين عانوا بدورهم منذ الاستقلال من ويلات الفقر. فبسبب تقاسم مزارع قصب السكر، التي كانت في وقت سابق مزدهرة، بين الفلاحين، تحوّلت هايتي خلال فترة وجيزة لزراعة الكفاف حيث أجبر الفلاحون لزراعة الأطعمة التي كانت بالكاد تكفي لإطعام أنفسهم وعائلاتهم.

وبسبب هذه الظروف الصعبة، عاشت هايتي خلال العام 1843 على وقع ثورة دموية أسفرت عن طرد الرئيس جان بيير بوير الذي غادر السلطة ليستقر بجامايكا قبل أن يتحول نحو باريس حيث توفي يوم 9 يوليو 1850.

يوم 27 فبراير 1844، استغل السكان الكريول (créole)، الناطقون بالإسبانية، بالقسم الشرقي للجزيرة حالة عدم الاستقرار لإعلان استقلالهم عن هايتي معلنين بذلك مولد جمهورية الدومينيكان (Dominican Republic).

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: