هل تطلق الروبوتات ثورة رعاية المرضى في مستشفيات العالم العربي؟

تُستخدم الروبوتات المتقدمة حاليًا بأعداد متزايدة في قطاع التقنيات الصحية لأداء الإجراءات الروتينية مثل صرف الأدوية والتعقيم والمعالجات السريرية، ولا يعد استخدام الآلات لأتمتة المهام الطبية في المشافي أمرًا جديد، إذ يستخدم الأطباء أجهزة لمراقبة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وغيرها، لكن هذه الروبوتات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تشكل ثورة في رعاية المرضى، باعتمادها على المستشعرات عالية التقنية التي تساعدها على التفاعل مع العالم الحقيقي لإكمال الوظائف المختلفة والمعقدة، ويشمل ذلك المهام المعقدة مثل الجراحة الدقيقة.

مهمات جراحية دقيقة

تتمتع دولة الإمارات بأفضل نظام صحي في العالم العربي وفق تقرير نشره مؤخرا موقع «ستيب فيد» مثلًا استخدمت وزارة الصحة الإماراتية في العام 2014 أول روبوت لإجراء القسطرة وجراحات القلب في مستشفى القاسمي، وتتيح هذه التقنية دقة أكبر في الإجراءات الجراحية وتقليل الحاجة إلى إعادة القسطرة وتعزيز سلامة المرضى. وتعمل هذه الروبوتات تحت إشراف جراح مؤهل، وتضمن هذه الروبوتات المتقدمة معدلات نجاح أكبر، وأطلقت الوزارة خلال العام الماضي برنامج الجراحة الروبوتية في عيادات أمراض النساء والتوليد، والذي يأتي في أعقاب نجاح استخدام الروبوتات في جراحة القلب، والتي تستخدم أيضًا في جراحات تكميم المعدة وجراحات المسالك البولية.

نمو الاستثمارات في التقنيات الصحية

تسعى دولة الإمارات إلى ترسيخ مكانتها كمركز طبي إقليمي وتحقيق أهدافها الاستراتيجية في مجال الرعاية الصحية من خلال رقمنة القطاع واعتماد الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتهدف إلى بناء قدرات القوى العاملة ومعالجة الأمراض غير المعدية والمعدية. ولن تحرر الروبوتات المتقدمة الأطباء والممرضين من المهام الروتينية فحسب، بل تستخدم أيضًا لتحسين دقة تشخيص المريض ورعايته، ما سيقلل إجهاد الطاقم الطبي ويحسن وقت تعافي المريض.

سيستخدم خلال هذا العام 44 روبوتًا جراحيًا في البلدان العربية، بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف عن عدد الروبوتات المستخدمة خلال العامين 2010 – 2019، وتشير الأبحاث التي أجرتها شركة فروست آند سوليفان إلى أن المنطقة ستشهد بحلول العام 2025 نموًا بنسبة 12% في مبيعات الروبوتات الجراحية، ومن المتوقع على الصعيد العالمي أن تصل قيمة السوق إلى 275 مليار دولار بحلول عام 2025.

ماذا يخبئ المستقبل للروبوتات المتقدمة؟

إليك في هذه العجالة، بعض أهم اتجاهات استخدامات للروبوتات في القطاع الصحي خلال الأعوام المقبلة، وخصوصًا في دولة الإمارات التي تبنت مبكرًا التقنيات الصحية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

الهياكل الخارجية: تعد الهياكل الخارجية -التي تعتمد على مجموعة من الحساسات والمشغلات والهياكل الميكانيكية والخوارزميات واستراتيجيات التحكم لتنفيذ وظيفة حركية- واحدة من أكثر التطورات إثارة في مجال الروبوتات الطبية. يهدف استخدام الهياكل الخارجية في المقام الأول إلى المساعدة في إعادة التأهيل الجسدي، وخاصة في علاج الاضطرابات العصبية مثل إصابات الحبل الشوكي والسكتة الدماغية، وتعالج هذه الحالات عادة عن طريق التدريب على المشي ومساعدة المرضى على المشي على جهاز المشي، لكن الطرائق التقليدية محدودة التطبيق بسبب الدعم الجسدي المطلوب من الطبيب المختص لمساعدة المريض على الوقوف. ولهذا تساعد الأجهزة الروبوتية في التغلب على هذه المشكلات لإعادة التأهيل، وأثبتت هذه التقنية تأثيرها على الصحة النفسية من خلال تحسين نوعية الحياة وتقليل أعراض القلق والاكتئاب.

التعويضات الجسدية: قطعت الأطراف الاصطناعية شوطًا طويلاً في الأعوام الأخيرة، واستطاع باحثون في مختبر بيوميكاترونيكس التابع لمعهد ماساتشوستس للتقنية تطوير طرف آلي دوار قادر على تتبع موقعه ثلاثي الأبعاد وتعديل حركته وفقًا لذلك حتى 750 مرة في الثانية، وطور الباحثون أيضًا جلدًا إلكترونيًا وغرسات عصبية تتفاعل مع الجهاز العصبي، ما يسمح للمستخدم بتلقي ردود الفعل اللمسية والاستجابة لها، أي أنها عمليًا نسخة طبق الأصل عن الطرف البشري الطبيعي، وقد تغير هذه الأجهزة حياة الأشخاص مبتوري الأطراف.

التنظير باستخدام الكبسولة: التنظير الداخلي هو إجراء جراحي تقريبًا وغير مريح للمرضى، إذ يدخل الأطباء أنبوبًا رفيعًا وطويلًا مع كاميرا إلى داخل الجسم، لكن تطور التقنيات الطبية ساعد في تطوير كاميرا صغيرة جدًا توضع داخل كبسولة يسهل ابتلاعها. وتلتقط تلك الكاميرا مئات الصور خلال رحلاتها ضمن الأمعاء وتنقلها لاسلكيًا إلى جهاز خارجي، قبل أن تُطرح مع فضلات الجسم. تبلغ حصة البلدان العربية أكثر من 60% من هذه الكبسولات بسبب ارتفاع أمراض الجهاز الهضمي، ومن المتوقع أن ينمو سوق التنظير الداخلي بمعدل نمو سنوي يبلغ 6.43 % بين العامين 2020 و2025.

سحب عينات الدم بالروبوت: أنهت جامعة روتجرز الأمريكية أول تجربة سريرية لروبوتات مخصصة لسحب الدم، وتتمتع هذه الروبوتات بمهارات بصرية تعتمد على الموجات فوق الصوتية والتي تساعد في توجيه الروبوت للعثور على الوريد وثقبه بإبرة ثم سحب الدم. وجد الباحثون أن الروبوتات تعمل بكفاءة -إن لم تكن أكثر كفاءة من الأطباء- لأنها كانت قادرة على تحديد موقع وريد المريض بدقة كبيرة. ستساعد هذه الروبوتات في جمع الدم بسرعة وأمان وموثوقية، ما قد يوفر وقت الأطباء بشكل كبير ويساعدهم على إنجاز مهام أكثر قيمة.

يزداد عدد الروبوتات في محيطنا مع ارتفاع كفاءتها وتطور تقنياتها، إذ أثبتت الروبوتات المطهرة مثلًا في دولة الإمارات، أنها مفيدة في حماية صحة المواطنين وسلامتهم في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ويتوقع أن نجد مزيدًا منها في المستشفيات، سواءً كان ذلك للترحيب بك أو لمد يد العون لطبيبك في غرفة الجراحة.

The post هل تطلق الروبوتات ثورة رعاية المرضى في مستشفيات العالم العربي؟ appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: