أم جعلت ابنها امبراطورا فقتلها حال استلامه للعرش

يوم 15 ديسمبر عام 37، عاشت أغريبينا الصغرى (Agrippina the Younger)، المعروفة أيضا بجوليا أغريبينا، على وقع أروع وأفضل أيامها. فخلال ذلك اليوم، رزقت هذه الشابة البالغة من العمر 22 عاما، والتي انحدرت من السلالة اليوليو كلاودية الإمبراطورية بروما ومثلت ابنة الجنرال المرموق جرمانيكوس (Germanicus)، من زواجها بجناوس دوميتيوس أهينوباربوس (Gnaeus Domitius Ahenobarbus) بولد أطلق عليه إسم نيرو (Nero) وعرف أيضا بنيرون.

ومنذ البداية، تفاءلت أغريبينا الصغرى بإبنها وأكدت للجميع أنه سيصبح يوما ما إمبراطورا لروما. وعلى حسب الأسطورة التي رافقت ولادة نيرون، استدعت أغريبينا الصغرى أهم منجم بروما ودعته لقراءة مستقبل ابنها حسب العلامات التي ظهرت مع ولادته. وهنا، أخبر المنجم أغربينا الصغرى بأنها ستقتل على يد ابنها حال صعوده على عرش روما. ومع سماعها لهذا التأويل، نطقت أغريبينا الصغرى بكلماتها الشهيرة "ليقتلني، المهم أن يحكم روما".

أغريبينا الصغرى تجعل من ابنها امبراطورا

ومع ولادة نيرون، تضاعفت فرحة أغريبينا الصغرى. فخلال نفس العام، اعتلى شقيقها كاليغولا (Caligula) العرش عقب وفاة الإمبراطور السابق تيبيريوس (Tiberius) الذي قضى أكثر من 22 عاما في سدة الحكم.

وأملا في رفع شأن ابنها حديث الولادة، ارتبطت أغربينا الصغرى بعلاقة غرامية مع شقيقها كاليغولا الذي عانى من اضطرابات نفسية حادة منذ اعتلائه للعرش حيث لم يتردد الأخير في القيام بأعمال غريبة فأمر خلال احدى المرات بإلقاء الجماهير بسيرك ماكسيموس للأسود كما تفنن مرات عدة في إهانة وإعدام أعضاء مجلس الشيوخ وعيّن حصانه المفضل عضوا بالمجلس.

عام 40، نفيت أغريبينا الصغرى وطردت من القصر من قبل كاليغولا الذي تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة اتهمت الأخيرة بالمشاركة فيها. وقد ضلت أغريبينا الصغرى بالمنفى لأشهر قبل أن تعود مجددا للقصر تزامنا مع مقتل كاليغولا واعتلاء عمّها كلوديوس (Claudius) للعرش.

ومع وفاة زوجها، الذي يكبرها بنحو 17 سنة، مطلع العام 41، أخذت أغريبينا الصغرى في التقرب من عمّها الإمبراطور كلوديوس لتتمكن في النهاية من الزواج منه مثيرة بذلك غضب أهالي روما الذين استاؤوا من هذا الزواج واعتبروه منافيا للأخلاق. ولضمان حق ابنها في الحصول على عرش روما، ضغطت أغريبينا سنة 50 على زوجها وعمّها، المتقدم في السن، كلوديوس وأقنعته بتبني ابنها نيرون وجعله وريثا لعرش الإمبراطورية.

وعلى حسب العديد من المؤرخين من أمثال سويتونيوس (Suetonius)، واصلت أغريبينا الصغرى مخططها لجعل ابنها امبراطورا. وبعد أن عقدت تحالفات بالقصر وأقصت كل من شكّل تهديدا عليها، لجأت أغريبينا الصغرى لقتل الإمبراطور فعمدت لتقديم طعام مسموم لزوجها كلوديوس وأحضرت طبيبا دس له مزيدا من السم في حلقه أثناء فحصه ليفارق بذلك الأخير الحياة عام 53 ويخلفه على عرش روما ابن أغريبينا الصغرى المعروف بنيرون.

نيرون يرد الجميل لأمه ويقتلها

مع اعتلائه لعرش إمبراطورية روما، اتجه نيرون لتحقيق التأويل الذي قدّمه المنجم عند ولادته. ففي البداية، حكمت أغريبينا الصغرى الإمبراطورية كوصية على العرش بسبب صغر سن ابنها كما اتجهت لاحقا للتحكم في قراراته وتصرفاته وأجبرته على الزواج من امرأة لا يحبها.

ومع تزايد غضبه من والدته التي قيّدت تحركاته، قرر نيرون التخلص منها عن طريق قتلها لينفرد بالسلطة.

بادئ الأمر، وضع نيرون خطة مكيافيلية لقتل أمه حيث عمد الأخير لإهدائها سفينة ودعاها للسفر على متنها وتجربتها قرب خليج نابولي. ومع انطلاق السفينة وابتعادها عن الشاطئ، انهار سقفها على رأس أغريبينا الصغرى ومرافقتها اللتين أصيبتا بجروح. ولحسن حظ أم نيرون، فشل الحرس في التعرف عليها وخلطوا بينها وبين الخادمة التي تلقت ضربة بالمجداف على رأسها وغرقت سريعا نحو القاع. في المقابل، عادت أغريبينا الصغرى بشكل مذهل نحو اليابسة سباحة ليفاجئ ابنها نيرون عند مشاهدتها على قيد الحياة.

وأمام هذا الوضع، استشاط نيرون غضبا وأمر حرسه يوم 23 آذار/مارس عام 59 بالتوجه لمنزل أمه أغريبينا الصغرى وقتلها بعد اتهامها بتدبير محاولة لإغتياله. مع مشاهدتها للحرس المسلحين حولها، نطقت أغريبينا الصغرى بكلمات شهيرة وقالت "اطعنوني في البطن، هذا البطن الذي حمل هذا الوحش".

بذلك، قتل نيرون والدته وانفرد بالحكم لنحو 9 سنوات قبل أن يقتل عام 68. على فراش موت أغريبينا الصغرى، نظر نيرون لجثة والدته وقال "لم أكن أعلم أنني أملك أما جميلة".

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: