يوم 1 أيلول/سبتمبر 1939، تذّرع النازيون بتعرضهم لهجوم شنّته القوات البولندية على موقع حدودي ليباشروا بعملية التدخل ببولندا معلنين بذلك بداية الحرب العالمية الثانية. وعلى إثر تدخّله ببولندا عقب هذا الهجوم الحدودي المفبرك، نكث أدولف هتلر بوعوده التي قدمها سابقا لكل من بريطانيا وفرنسا خلال مؤتمر ميونخ عام 1938 ليتسبب بذلك في بداية نزاع عالمي استمر لنحو 6 سنوات وأودى بحياة ما لا يقل عن 60 مليون شخص.
إلى ذلك، بلور النازيون منذ الثلاثينيات مشروعا للتوسع بمناطق عدّة بأوروبا. وقد امتدت هذه العمليات التوسعية لتشمل أراضي بالنمسا وتشيكوسلوفاكيا وهولندا وأوروبا الشرقية حيث أكد النازيون حينها على ضرورة هذه العمليات لإنشاء ألمانيا الكبرى والحصول على المجال الحيوي لضمان حياة الرفاهية للألمان. من ناحية أخرى، مثلت سويسرا واحدة من الدول التي حاول أدولف هتلر إخضاعها على الرغم من اتخاذها موقف الحياد بهذا النزاع العالمي. وبداية من العام 1940، حثّ القائد النازي المسؤولين بجيش البر الألماني على وضع خطة لضم سويسرا لممتلكاته.
كره هتلر لسويسرا
خلال فترة الثلاثينيات، أكد أدولف هتلر مرات عدّة أنه سيحترم حياد سويسرا في حالة اندلاع أي حرب بأوروبا. وقبيل غزو بولندا، خاطب القائد النازي المسؤولين السويسريين وجدد وعده لهم بعدم المساس بأراضي سويسرا واحترام سيادتها. إلى ذلك، لم تكن هذه الوعود المقدمة سوى مناورة سياسية هتلرية، حيث وضع أدولف هتلر برنامجا لغزو سويسرا وإنهاء وجودها على الخارطة تزامنا مع هزيمة كل من فرنسا وبريطانيا.
وخلال لقاءاته بالدوتشي (Duce) الإيطالي بينيتو موسوليني (Benito Mussolini) ووزير خارجيته يواكيم فون ريبنتروب، وصف هتلر مرات عدة سويسرا بالنقطة السوداء بأوروبا، وعبّر عن اشمئزازه من طريقة عيش ذوي الأصول الألمانية بسويسرا رفقة الفرنسيين وبقية الأعراق الأخرى واصفا هذا البلد بالخليط غير المتجانس.
خطة ألمانيا
مع بداية الغزو الألماني لبولندا، تخوّفت السلطات السويسرية من مصير مشابه لبولندا فاتجهت على جناح السرعة لتعيين العسكري هنري غيزان (Henri Guisan) جنرالا وأوكلت إليه مهمة الإعداد لصد هجوم ألماني محتمل. وعلى الفور، أمر غيزان بإعلان التعبئة العامة ورفع السن القصوى للخدمة العسكرية من 48 إلى 60 عاما، كما طالب بتجميع مئات الآلاف من الجنود الإضافيين استعدادا لإرسالهم نحو المناطق الحدودية مع كل من ألمانيا وإيطاليا.
من ناحية ثانية، رفعت سويسرا إنفاقها العسكري بشكل كبير تزامنا مع صعود النازيين خلال ثلاثينيات القرن الماضي. وبناء على ذلك، حصل السويسريون على بنادق حديثة تميّزت بخفتها وسهولة استخدامها مقارنة بتلك التي امتلكها الألمان خلال نفس الفترة.
في الأثناء، بدأ الألمان بالتحضير لعملية غزو سويسرا أواخر شهر حزيران/يونيو 1940 تزامنا مع استسلام فرنسا. وقد تكفّل الجنرال أوتو فيلهلم كورت فون منجيس (Otto-Wilhelm Kurt von Menges)، بمساعدة كل من الجنرالين فيلهلم ليست (Wilhelm List) وفيلهلم ريتر فون ليب (Wilhelm Ritter von Leeb)، بمهمة إعداد خطة غزو سويسرا التي حملت لاحقا اسم عملية تانينباوم (Tannenbaum).
بالتزامن مع ذلك، عبّر الإيطاليون، حلفاء الألمان ضمن دول المحور، عن رغبتهم في السيطرة على المناطق السويسرية التي سكنها ذوو الأصول الإيطالية. وبفضل ذلك، أعدّت دول المحور خطة لغزو سويسرا اعتمادا على نحو 300 ألف عسكري ألماني وإيطالي حيث كان من المقرر أن يتدخل الإيطاليون من الجنوب لحسم المعركة بشكل سريع.
إلغاء عملية الغزو
إلى ذلك، لم تطبق الخطة الألمانية لغزو سويسرا على أرض الواقع لأسباب غير واضحة. وقد وضع المؤرخون العديد من النظريات لتفسير هذا الأمر فتحدّثوا عن تخلي النازيين عن الخطة بسبب نقل كميات هامة من القوات الألمانية نحو الجبهة الشرقية استعدادا لغزو الاتحاد السوفيتي وأكدوا على تورّط الجيش الألماني بجبهتين إضافيتين بسبب الحرب مع بريطانيا وتدخلهم لمساعدة حلفائهم الإيطاليين باليونان. أيضا، أكّد البعض على حاجة النازيين للبنوك السويسرية التي وضعوا بها مبالغ مالية هامة وكميات من الذهب استغلوها لاقتناء أشياء من السوق العالمية بالفرنك السويسري.