بسبب نقص القمح.. حين قتلت المجاعة ربع سكان إيران

ما بين عامي 1914 و1918، عاش العالم على وقع أهوال الحرب العالمية الأولى التي اندلعت عقب حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند بمدينة سراييفو يوم 28 حزيران/يونيو 1914. وشهدت هذه الحرب استخدام أسلحة جديدة أكثر فتكا من السابق مثل الدبابات والطائرات والبنادق والرشاشات وقاذفات اللهب والغاز الكيماوي. وبسبب ذلك، بلغ عدد الضحايا بهذا النزاع رقما قياسيا حيث سقط ما لا يقل عن 20 مليون شخص بين قتيل وجريح.

من ناحية أخرى، شهدت الحرب العالمية الأولى تفشيا كبيرا للمجاعة بسبب النقص الحاد بالمواد الغذائية. وإضافة لكل من الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية والإمبراطورية الألمانية والمستعمرة البريطانية بالهند، شهدت بلاد فارس، تحت حكم السلالة القاجارية، مجاعة أسفرت عن سقوط ملايين الوفيات.

أسباب المجاعة

خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1915، تضاعف سعر القمح مرات عديدة ببلاد فارس عقب بيع المحاصيل المخزنة بصوامع الحبوب بالجنوب الشرقي لمقاطعة سيستان للقوات البريطانية.

من ناحية أخرى، قطع الروس جميع الطرق بالشمال الشرقي لمحافظة خراسان ومنعوا جميع عمليات نقل الحبوب عدا تلك التي سلمت للقوات الروسية. أيضا، أدت مصادرة الدواب، التي استغلت لنقل المحروقات، لتعطيل خطوط نقل وتوزيع المحاصيل. وبسبب ذلك، عانت المدن الفارسية من نقص فادح في المواد الغذائية حيث أصبحت تكلفة نقل الحبوب أعلى من تكلفة زراعتها وحصدها.

بداية من العام 1916، شهدت بلاد فارس موجة جفاف زادت الطين بلة وأثرت على المحاصيل الزراعية طيلة السنوات التالية. وبحلول شهر شباط/فبراير 1918، بلغت المجاعة كبرى المدن الفارسية التي لم يتردد سكانها في مهاجمة مستودعات ومخازن الغذاء.

فيما عمد أصحاب المخابز لرفع أسعار الخبز مرات عديدة. وبسبب ذلك، نظّم الأهالي حركات احتجاجية انتهت بأعمال عنف هاجموا خلالها المخابز ونهبوا محتوياتها. أيضا، فشلت السلطات الفارسية في زيادة الحصص الغذائية المخصصة للسكان وعجزت عن تخفيض أسعار الخبز التي بلغت أرقاما قياسية تزامنا مع تراجع كميات الدقيق.

ملايين الضحايا

ومع تراجع الحصص الغذائية ومعاناتهم من سوء التغذية، أصبحت أجسام الأهالي منهكة وعرضة للأمراض التي سرعان ما تفشت بالبلاد لتزيد من حجم الكارثة. وإضافة للأنفلونزا الإسبانية التي حلت بالبلاد قادمة من بغداد والهند والقوقاز لتسفر عن وفاة ما بين 900 ألف ومليوني شخص، عاشت بلاد فارس على وقع موجات من الكوليرا والتيفوس اللذين أسفرا بدورهما عن سقوط عدد كبير من القتلى.

إلى ذلك، مثل عدد ضحايا مجاعة بلاد فارس ما بين عامي 1917 و1919 نقطة اختلاف بين المؤرخين. فبينما تحدّث البعض عن سقوط مليوني ضحية أي ما يعادل عشر سكان البلاد، أكدت مصادر أخرى، استندت لإحصائيات عدد السكان ما قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، أن عدد الضحايا أكبر بكثير وتحدثت عن تراوحه ما بين 6 و10 ملايين ضحية، أي قرابة ربع سكان البلاد، توفوا جراء المجاعة والأوبئة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: