تشواميني.. “ثرثار” يعيش حلم والده ويحارب العنصرية

يعيش أوريلين تشواميني حلم والده الذي فشل في أن يصل إلى مستوى احترافي خلال عالم كرة القدم، وقرر أن يخوض المغامرة مرة أخرى من خلال نجله الأكبر، فصار "الثرثار" أحد أبرز مواهب اللعبة حاليًا وصيدًا ثمينًا للأندية الكبيرة.

وتشير التقارير الصحافية إلى قرب إعلان ريال مدريد الإسباني عن خطف جوهرة موناكو وضمه رسميًا خلال الساعات القليلة المقبلة.

نشأته وحلم والده

ولد أوريلين في يناير من عام 2000 لوالده فيرناند تشواميني الذي عمل في مجال الصيدلة كمدير مصنع لإنتاج اللقاحات، ووالدته المستشارة التربوية، في مدينة روان الواقعة شماليّ فرنسا والتي تبعد أكثر من 130 كيلومترا عن العاصمة باريس.

نشأ بشكل مريح كمواطن فرنسي من أصول كاميرونية من الطبقة المتوسطة، برز حب كرة القدم منذ نعومة أظافره، إذ كان دائمًا ما يهتم بمشاهدة والده يلعب على العشب الأخضر ويتابع مبارياته بشغف كبير، حتى أن فيرناند قال إن نجله كان مشجعه الأول، لكن الأب لم يستطع تحقيق حلمه والحصول على عقد احترافيّ.

لم يكن الطفل تشواميني منزعجًا من الذهاب للمدرسة كبقية الأطفال، لكنه كان يمتلك عيبًا آخر قال عنه: لن أقول إنني كنت مزعجًا، بل الحقيقة كنت ثرثارًا جدًا في صغري، كنت أحب التكلم إلى زملائي دائمًا، المدرسون كانوا يقولون لي: أوريلين، اصمت قليلًا! لكن مع مرور الوقت نضجت وعالجت تلك الصفة.

بداية مسيرته

بدأ تشواميني مسيرته في أكاديمية حيّه، وعُرف سريعًا كأبرز لاعبي فريقه مع مرور الوقت، وظهر عزمه على أن يؤمن مستقبلًا أفضل لعائلته من كرة القدم، والأهم من ذلك أن يكون حلم والده الذي لم يستطع عيشه قط.

وكان مركز اللاعب الأساسي في الملعب حينها رأس حربة، لكن مدربيه لاحظوا قدرته السريعة على استعادة الكرة والاستحواذ من الخصم بالإضافة إلى قدراته الجسدية، فقرروا نقله إلى وسط الملعب.

جذب اللاعب أعين كشافي فريق بوردو وسرعان ما دعوه إلى اختبارات للانضمام إلى أكاديمية الفريق، وبالفعل انتقل أوريلين إلى مدينة بوردو وهو يبلغ 11 عامًا لمتابعة خطوة أخرى في مسيرته الكروية، وعلى عكس المتوقع لم تكن بدايته جيدة، بعدما عانى من إصابتين مروعتين قبل بلوغه 14 عامًا، بالإضافة إلى خسارة فريقه لبطولات الناشئين، ولم يكن حوله من يدعمه بعدما انتقال والديه إلى مدينة ليون، فكانت الوحدة العامل السلبي الأساسي التي أثرت على مستواه حينذاك.

مسيرته في أرقام

شارك تشواميني للمرة الأولى مع الفريق الأول لبوردو في يوليو 2018 بعمر 18 عامًا و5 أشهر، حينما نزل بديلًا في الدقيقة 89 خلال فوز فريقه بهدف دون رد على فنتسبيلس من لاتفيا ضمن تصفيات الدوري الأوروبي، وجاء أول أهدافه في شباك فريق ماريبول الأوكراني بعد أقل من شهر على المشاركة الأولى وفي المسابقة ذاتها.

ودافع تشواميني عن ألوان بوردو في 37 لقاء (2.701 دقيقة) سجل خلالها هدفًا وحيدًا وصنع آخر وتلقى 8 بطاقات صفراء، ولم يغادر الملعب مطرودًا في أي مرة.

وبعد أقل من عامين، اشترى موناكو عقد اللاعب مقابل ما يقارب من 18 مليون يورو، وظهر بالقميص الأبيض والأحمر في 95 لقاء، مسجلًا 8 أهداف وقدم لزملائه 7 تمريرات حاسمة، حاصدًا جائزة أفضل لاعب شاب في الدوري المحلي لموسم 2020-2021.

وعلى الصعيد الدولي، سجل تشواميني مشاركته الأولى بقميص المنتخب الوطني خلال تعادل فرنسا مع البوسنة والهرسك 1-1 ضمن تصفيات أوروبا لكأس العالم سبتمبر الماضي، وخاض بعدها 8 مباريات أخرى تمكن من هز الشباك خلالها مرة وحيدة، وتوّج بلقب دوري الأمم الأوروبية.

دور العائلة

تشواميني هو رجل عائلة، يلعب والداه دورًا هامًا ومحوريًا في حياته، وظهر ذلك جليًا خلال حديثهما لمجلة "فرانس فوتبول"، يقول فيرناند: لاحظت خلال فترة ما أنه لا يقدم أداء جيد، وأنه راضٍ بالحد الأدنى، تحدثت معه لمدة ساعتين في إحدى إجازاته، وسألته لماذا أصبحت فجأة لاعبًا عاديًا، فقال: حسنًا، سوف ترى.

وعلى النقيض، لا تهتم والدته بمستواه أو ما إذا لعب مباراة جيدة أم لا، بل دائمًا ما ينصب تركيزها على حالة ابنها، وإذا كان بخير أم لا.

وأضاف اللاعب لـ "فرانس فوتبول": بعد المباريات أستجوب أبي وأسأله هل كنت جيدًا أم لا، أما حين تتصل أمي فأدرك أنها ستسأل على حالتي وصحتي، حاليًا بدأ اهتمامها بكرة القدم يزداد، وأعتقد أنها تحقق تقدمًا في فهم اللعبة.

وشدد اللاعب على أهمية والديه مرة أخرى خلال حواره مع "سي إن إن" قائلًا: حينما كنت صغيرًا، أخبراني أنه يمكنني فعل ما أريد، لكن علّي أن أكون الأفضل فيما أفعله، إذا أردت أن أعمل في شركة عليّ أن أكون مديرها، إذا أردت أن أكون طباخًا عليّ أن أعمل في المطعم الأفضل، تلك العقلية ساعدتني على الوصول لما أنا عليه الآن.

محاربة العنصرية

خلال تصفيات النسخة المنقضية من دوري أبطال أوروبا، تعرض تشواميني لهتافات عنصرية في التشيك خلال مباراة فريقه أمام سبارتا براغ، قال عنها: لم تكن تلك أول تجربة لي مع العنصرية، كنت دائمًا ما أستقبل هذا النوع من التعليقات عبر حسابي على إنستغرام، أفكر دائمًا أنني يجب أن أتجنبها رغم أنني كنت أجد صعوبة في ذلك.

وتابع: ما حدث لي في براغ كان مختلفًا لأنني كنت نضجت قليلًا وأردت أن أجد حلًا، دعوت المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لاجتماع ومناقشة ما يمكن فعله، شيء مثل جلسات العصف الذهني، بالتأكيد لا أستطيع أن أقول إن العنصرية ستنتهي خلال 10 أيام، كرياضيين علينا أن نحارب هذه الأمور لأن تأثيرنا يكون أكبر.

دفتر الملاحظات الذي لا يفارقه

يمتلك تشواميني دفتر ملاحظات دائمًا ما يحتفظ به، واعترف بذلك خلال مؤتمر صحفي قبل أن يوضح أهمية الدفتر بالنسبة له خلال حواره مع الموقع الرسمي لموناكو: أحاول تدوين القليل من كل شيء، لدي اقتباسات من كبار الرياضيين والشخصيات العظيمة في العالم، كلماتهم تلهمني وتحفزني، أكتب أيضًا أهدافي لكل مباراة سواء مع النادي أو المنتخب، بحسب الخصم المقبل أو السياق العام فكل مباراة لها تفاصيلها الخاصة، أنا شديد الانتباه وأحب أن أدون كل ما أراه وأسمعه.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: