خلاف وتسوية بين الولايات.. هكذا قُسّم الكونغرس الأميركي

عام 1787 عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع خلاف حاد هدّد وحدتها وأثار قلق مختلف الأطراف السياسية من إمكانية نشوب حرب أهلية وتفكك الاتحاد.

فبعد مضي 4 سنوات فقط على نهاية حرب الاستقلال، اختلف الأميركيون خلال الاجتماع الدستوري لعام 1787 حول طريقة تنظيم الكونغرس. وبينما طالبت الولايات ذات الحجم الديموغرافي الكبير بتمثيل بالكونغرس يرتكز على الكثافة السكانية بالولايات، أصرّت بقية الولايات، ذات الكثافة السكانية المنخفضة، على مبدأ تساوي الجميع في عدد النواب بالكونغرس.

كثافة سكانية وتمثيل بالكونغرس

فأثناء الاجتماع الدستوري المنعقد ما بين 25 أيار/مايو 17 أيلول/سبتمبر عام 1787 بفيلادلفيا، طالب ممثلو الولايات التي تمتعت بكثافة سكانية كبيرة بمنحهم عدد مقاعد أكبر من تلك المخصصة للولايات الأخرى مؤكدين على ضرورة اعتماد مبدأ الكثافة السكانية لاحتساب نسبة تمثيل كل ولاية بالكونغرس.

وفي مقابل ذلك، استشاط ممثلو الولايات ذات الكثافة السكانية القليلة غضبا من مثل هذا الاقتراح وطالبوا بتساوي الجميع بالكونغرس من حيث عدد النواب مؤكدين على رفضهم لمبدأ تفرد البعض بالقرار ووقوعهم تحت ما اعتبروه دكتاتورية الولايات الكبرى.

وأثناء الاجتماع، احتدم الخلاف بشكل سريع بين ممثلي الولايات وهدد عملية المصادقة على الدستور حيث تمسك كلا الطرفين بنظريتهما مهددين بعدم قبول وثيقة الدستور في حال عدم تلبية شروطهما.

تسوية شيرمان

ولمعالجة هذا الخلاف الذي عطّل عملية المصادقة على الدستور، جاء النائبان عن كونيتيكت (Connecticut) روجر شيرمان (Roger Sherman) وأوليفر إيلسوورث (Oliver Ellsworth) بحل لقّب من قبل المؤرخين بأسماء عدّة كانت أهمها تسوية شيرمان وتسوية كونيتيكت والتسوية الكبيرة.

وانطلاقا من مطالب ولاية فرجينيا، ذات الكثافة السكانية الهامة، وولاية نيوجيرسي، ذات الكثافة السكانية المنخفضة، بلورت تسوية شيرمان حلا وسطا قسّم الكونغرس لغرفتين فكانت الغرفة الأولى مجلس النواب الذي اعتمد على الكثافة السكانية لتحديد عدد نواب كل ولاية به بينما تمثلت الغرفة الثانية في مجلس الشيوخ الذي تساوت به كل الولايات في نسبة التمثيل.

وبادئ الأمر، قوبلت تسوية شيرمان برفض أغلب ممثلي الولايات قبل أن تتم المصادقة عليها بفارق بسيط يوم 23 تموز/يوليو 1787.

تأثير على المجمع الانتخابي

عند إقرار تسوية شيرمان عام 1787، لم يكن فارق عدد السكان بين الولايات الأميركية شاسعا مثل ما هو عليه اليوم. فخلال الفترة الحالية، تتساوى ولاية مثل فيرمونت (Vermont) في عدد المقاعد بمجلس الشيوخ مع ولاية مثل كاليفورنيا التي يفوق عدد سكانها سكان فيرمونت بأكثر من خمسين مرة.

من جهة ثانية، أثّرت هذه التسوية بشكل مباشر في حجم تمثيل الولايات بالمجمع الانتخابي حيث تحصل كل ولاية على عدد ناخبين حسب عدد مجموع ممثليها بكل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

وبفضل ذلك، تحصل على سبيل المثال ولاية كفيرمونت على عدد ناخبين يتجاوز حجمها الديموغرافي فتنال 3 ناخبين بالمجمع الانتخابي لتمثيل 600 ألف شخص بينما تنال ولاية ككاليفورنيا 55 ناخبا لتمثيل حوالي 40 مليون نسمة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: