دكتاتور هايتي.. طرد النخبة منها وعبثوا بجثته بعد موته

منذ استقلالها مطلع العام 1804، مرت هايتي (Haïti) باضطرابات عديدة اتخذ أغلبها طابعا دمويا. واستمرت خلال القرن العشرين.

وعرفت أوجها بعهد الدكتاتور فرانسوا دوفالييه (François Duvalier) الذي صادر الحريات الفردية للهايتيين ولجأ لإعدام معارضيه مستغلا ميليشيا محلية أسسها لتنفيذ الاغتيالات وإرهاب المواطنين.

فما بين عامي 1956 و1957، عاشت هايتي على وقع حالة من الفوضى تعاقبت خلالها 5 حكومات على إدارة شؤون البلاد.

وتزامنا مع انسحاب الرئيس بول ماغلوار (Paul Magloire)، الذي تراجعت شعبيته بسبب قضية فساد مالي ونهب أموال المساعدات، ورفضه الترشح لولاية أخرى، استغل الطبيب دوفالييه الفراغ السياسي بالبلاد ليترشح للانتخابات الرئاسية ويقود حملة دعائية وعدت بمنح الأغلبية ذات الأصول الإفريقية مزيدا من الحقوق على حساب المولاتو (Mulatto).

بفضل ذلك، فاز دوفالييه بانتخابات عام 1957 بنسبة قاربت 70%.

انقلاب وتقارب مع أميركا وكندا

على إثر محاولة انقلابية عام 1958، أعلن دوفالييه حالة الطوارئ بالبلاد وأجبر البرلمان على منحه السلطة المطلقة واتجه لإزاحة جميع معارضيه بجيش هايتي.

أما لبسط سلطته على كامل أرجاء البلاد، فقد أنشأ دكتاتور هايتي ميليشيا مسلحة تكونت من آلاف العناصر وتشابهت بشكل كبير مع ميليشيا القمصان السود التي أسسها الفاشيون بإيطاليا بالقرن الماضي.

وعلى مدار السنوات التالية، أرهبت هذه الميليشيا السكان واعتقلت وأعدمت المعارضين.

وعقب نجاح الثورة الكوبية وإرساء فيدل كاسترو لنظام شيوعي على مقربة من فلوريدا، حصل دكتاتور هايتي على دعم كبير من الولايات المتحدة الأميركية وكندا اللتين تخوفتا من إمكانية التحاق هايتي بالمعسكر الشيوعي وارتمائها بأحضان الاتحاد السوفيتي.

هجرة وكارثة اقتصادية وعبث بالقبر

وعلى الرغم من تعرضه للعديد من محاولات الاغتيال، إلا أن دوفالييه تمكن من بسط نفوذه على كامل أرجاء البلاد واتجه لحل البرلمان وملاحقة الكنيسة الكاثوليكية.

فأثناء فترة حكمه التي استمرت لأكثر من 13 عاما، عمد دكتاتور هايتي لطرد المبشرين المسيحيين واتهمهم بمعاداة نظامه مثيرا بذلك غضب الفاتيكان.

ومع تضييقه على الكاثوليكية، اتجه دوفالييه للترويج لمعتقد الفودو (Voodoo) الذي انتشر بكثافة طيلة القرون الماضية بغرب أفريقيا ومناطق الكاريبي.

وعقب قمعه للحريات وملاحقته لمعارضيه عن طريق ميليشياته، تسبب دوفالييه في رحيل عشرات الآلاف من الهايتيين نحو كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا. وبينما استقبلت موجة الهجرة الأولى بحفاوة من قبل الأميركيين والكنديين بسبب تضمنها لأعداد كبيرة من الحرفيين والمثقفين والأطباء، أثارت موجات الهجرة التالية غضب المسؤولين بهذه الدول حيث تكونت هذه الموجات من هايتيين، لا يجيدون الفرنسية والإنجليزية ويتقنون لغة الكريول (Creole) فقط، فاقدين للخبرة المهنية وفارين من ويلات الفقر بوطنهم.

أثناء السنوات التالية، أجرى دوفالييه استفتاء فاز خلاله بنسبة 99.99% وأصبح على إثره رئيسا مدى الحياة كما عمد لتغيير ألوان علم البلاد وتسبب بتصرفاته، التي أسفرت عن رحيل الكفاءات، في كارثة اقتصادية بهايتي.

فيما عيّن فرانسوا دوفالييه قبيل وفاته خلال شهر نيسان/أبريل 1971، ابنه جان كلود دوفالييه (Jean-Claude Duvalier) خليفة له على رأس البلاد، فحكم الأخير وواصل سياسة أبيه لحين سقوطه عام 1986.

إلى ذلك، ومع انهيار النظام عام 1986، اجتاحت الجماهير الغاضبة مرقد الرئيس السابق فرانسوا دوفالييه فدمروا محتوياته واستخرجوا جثته وعبثوا بها.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: