مع انشقاقها.. امرأة تتسبب في حملة ضد الشيوعيين بأميركا

مع نهاية الحرب العالمية الثانية التي أودت بحياة ما يزيد عن 60 مليون شخص، غاص العالم في أهوال الحرب الباردة التي كانت بمثابة نزاع غير معلن بين المعسكرين الشرقي والغربي. وإضافة لسياسة التسلح والسباق نحو الفضاء والحروب بالوكالة، لعبت العمليات الاستخباراتية والتجسس دورا هاما بالحرب الباردة، حيث اعتمد كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، على الجواسيس لجمع معلومات عن خطط ونوايا الطرف الآخر.

في الأثناء، مثلت إليزابيث بنتلي (Elisabeth Bentley) واحدة من أهم الجواسيس بتلك الفترة، حيث لعبت الأخيرة دورا هاما بحرب الجواسيس عقب انشقاقها عن الجانب السوفيتي.

جاسوسة لصالح السوفيت

إلى ذلك، ولدت إليزابيث بنتلي بمدينة نيو ميلفورد (New Milford) بولاية كونيتيكت الأميركية يوم 1 يناير 1908. وأثناء مسيرتها الدراسية، درست الأخيرة العلوم الإنسانية بكلية فاسار وجامعة كولومبيا وسافرت مرارا نحو إيطاليا، التي كانت قابعة تحت حكم الدوتشي الإيطالي بينيتو موسوليني، أين تعلمت اللغة الإيطالية. وبسبب متابعتها لأهوال الحكم الفاشي بإيطاليا، التحقت إليزابيث بنتلي عام 1935 بالجمعية الأميركية ضد الحرب والفاشية، التي مثلت منظمة شيوعية سرية، قبل أن تنخرط فيما بعد بالحزب الشيوعي الأميركي.

عام 1938، باشرت بنتلي بالعمل كسكرتيرة لصالح المهاجر الروسي جاكوب غولوس (Jacob Golos) الذي كان عضوا بالحزب الشيوعي الأميركي وعمل كمساعد لصالح الجمعية الأميركية ضد الحرب والفاشية. أيضا، كان غولوس على علاقة وطيدة بالجاسوس، الأميركي الجنسية هاري غولد (Harry Gold)، الذي تجسس على برامج التسلح الأميركية ونقل معلومات هامة للسوفيت.

ففي البداية، عملت بنتلي بمكتبة المعلومات الإيطالية ونقلت معلومات حساسة عن الأنشطة الفاشية للجانب السوفيتي. ومع ارتباطها بعلاقة غرامية مع جاكوب غولوس، باشرت الأخيرة بالتجسس على الجانب الأميركي، حيث حصلت إليزابيث بنتلي على وظيفة كسكرتيرة لدى رجل الأعمال المحافظ ريتشارد والدو (Richard Waldo) ونقلت معلومات عن تحركاته وحواراته مع السياسيين ورجال الأعمال الأميركيين للجانب السوفيتي. وبناء على ذلك، وفرت هذه الجاسوسة نسخا من وثائق حكومية رسمية للاتحاد السوفيتي ولقبت بلقب "الطفلة الجيدة" لدى شبكة الجواسيس السوفيتية بالولايات المتحدة الأميركية.

كشف شبكة جواسيس

بعد مضي عام واحد عن وفاة عشيقها غولوس، تخلت إليزابيث بنتلي عن توجهاتها الشيوعية واتجهت نحو مكتب التحقيقات الفيدرالية لتفصح لهم عام 1945 عن جميع أنشطتها طيلة السنوات الفارطة. أيضا، قدمت هذه المرأة البالغة من العمر 37 عاما معلومات عن شبكة الجواسيس السوفيت الذين تعاملت معهم وهو ما أسفر عن الإطاحة بعدد هام من الجواسيس الذين نشطوا بكل من نيويورك وواشنطن ونقلوا معلومات حساسة حول البرنامج النووي الأميركي. وضمن هؤلاء الجواسيس السوفيت تواجد أيضا عدد من العاملين بالقطاع الحكومي.

أثناء عمليات المحاكمة، شهدت إليزابيث وساهمت في إدانة العديد من الجواسيس السابقين. فضلا عن ذلك، قدمت الأخيرة شهادات وتصريحات أمام لجنة مختصة من الكونغرس عام 1948ن مساهمة بذلك في بداية حملة مراقبة ضد أصحاب الميول الشيوعية المتواجدين على الأراضي الأميركية.

خلال السنوات التالية، نشرت إليزابيث بنتلي كتابا حول حياتها وعملها كجاسوسة لصالح الاتحاد السوفيتي. وعام 1963، توفيت الأخيرة عقب إصابتها بمرض السرطان.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: