هكذا أمطرت سماء الهند ذهباً و”موتاً” عام 1944

خلال الحرب العالمية الأولى، شهد ميناء مدينة هاليفاكس (Halifax) بمقاطعة نوفا سكوشا (Nova Scotia) الكندية يوم 6 ديسمبر 1917 انفجاراً هائلاً بسبب اصطدام سفينة شحن فرنسية، كانت تقل ذخيرة ومواد متفجرة أخرى، بسفينة نرويجية. وقد أسفر هذا الانفجار، الذي سُمع دويّه من على بعد أكثر من 400 كلم، عن مقتل حوالي 2000 شخص وإصابة 9000 آخرين.

وبعد نحو 27 عاماً، تكرر سيناريو هذا الانفجار مرة ثانية بميناء مدينة مومباي (Mumbai) الهندية في خضم الحرب العالمية الثانية. فخلال العام 1944، أدى انفجار السفينة البريطانية فورت ستيكيني (Fort Stikine) لتخريب جانب هام من مومباي تزامناً مع سقوط عدد هائل من القتلى والجرحى.

وصُنعت السفينة فورت ستيكيني عام 1942 بحوض بناء السفن قرب منطقة برينس روبرت (Prince Rupert) بمقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية. وعند دخولها الخدمة، قُدّر وزن هذه السفينة بنحو 7142 طناً وبلغ طولها أكثر من 130 متراً. وقد جاءت تسمية هذه السفينة حينها نسبة لإحدى القواعد والبؤر الاستيطانية التابعة لشركة خليج هودسون (Hudson's Bay Company) بمنطقة رانغل (Wrangell) في ألاسكا.

ومنذ بداية اعتمادها لصالح البريطانيين، أوكلت لهذه السفينة مهام لوجستية تمثلت أساساً في عمليات نقل البضائع والعتاد العسكري.

يوم 24 فبراير 1944، أبحرت سفينة فورت ستيكيني من ميناء بيركنهاد (Birkenhead) الإنجليزي وعبرت عبر مضيق جبل طارق وبورسعيد وكراتشي قبل أن تحل يوم 12 أبريل من نفس العام بميناء مومباي الهندي.

وعلى متنها، نقلت فورت ستيكيني سلعاً وبضائع عديدة كان من ضمنها 1395 طناً من المتفجرات، من بينها نحو 238 طناً من المتفجرات القوية المخصصة للطربيدات والألغام البحرية وقذائف المدفعية الثقيلة، إضافةً لكميات هامة من القطن وبراميل النفط والخشب والحديد. وإضافةً لكل ذلك، حملت فورت ستيكيني على متنها حمولة أخرى ذات قيمة هامة تمثلت في 31 صندوقا تم ملؤها بسبائك ذهب قارب إجمالي قيمتها حينها المليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 47 مليون جنيه بوقتنا الحاضر.

أثناء عملية التحميل بميناء مومباي يوم 14 أبريل 1944، اندلع في حدود الساعة الثانية مساءً حريق على متن فورت ستيكيني. وعلى الفور، أقبل طاقم السفينة، مصحوباً بفرق الإطفاء بالميناء، للسيطرة على الحريق. وعلى الرغم من نجاحهم في ضخ ما يعادل 900 طن من المياه نحو السفينة، كللت جهود رجال الإطفاء بالفشل وعجزوا عن إخماد النيران.

في حدود الساعة الثالثة وخمسين دقيقة مساءً، صدرت الأوامر للجميع بإخلاء المكان ومغادرة السفينة. وبعد 16 دقيقة فقط، اهتزت المنطقة على وقع انفجار هائل، سُمع دويّه من على بعد 80 كلم، وقسّم السفينة لنصفين ودمّر العديد من المنازل والبنايات القريبة. وخلال هذا الانفجار، تطايرت سبائك الذهب التي تواجدت على متن فورت ستيكيني لتسقط إما بالبحر أو بمناطق مختلفة من مدينة مومباي تزامناً مع ظهور غيمة سوداء كبيرة فوق المنطقة بسبب احتراق القطن.

وأسفر الانفجار بمومباي عن مقتل أكثر من 1000 شخص، كان من ضمنهم 66 رجل إطفاء، وإصابة 3000 آخرين وتشريد 80 ألفاً. أيضاً، أدت هذه الكارثة لتخريب 13 سفينة أخرى كانت رابضة بالميناء وإتلاف نحو 50 ألف طن من القمح والأرز والمواد الغذائية الأخرى.

واستغرقت عملية اخماد الحريق 3 أيام. وخلال الفترة التالية، احتاجت السلطات البريطانية أكثر من 8000 رجل لإزالة مئات آلاف الأطنان من الرماد. أيضاً، تمكّن البريطانيون بالأسابيع التالية من استرداد سبائك الذهب التي فقدت بسبب الانفجار.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: