منذ مطلع القرن التاسع عشر جرت العادة أن تنتقل السلطة بشكل سلمي في الولايات المتحدة الأميركية بين الرئيس المنتخب والرئيس المنتهية ولايته. وحينها سلّم جون أدامز، ثاني رئيس بتاريخ البلاد بعد جورج واشنطن، بشكل سلمي صلاحياته للرئيس الجديد توماس جيفرسون الفائز بانتخابات عام 1800 على الرغم من العداوة الشديدة بين الرجلين.
انتخابات 1796 وخلافات الحزبين
ففي عام 1796، فضّل جورج واشنطن، أول رئيس بتاريخ البلاد، مغادرة منصبه وعدم الترشح لولاية ثالثة لتشهد حينها الولايات المتحدة تقدم مرشحين أساسيين للسباق الرئاسي، تمثلا في كل من توماس جيفرسون وجون أدامز.
إلى ذلك، شهدت نفس الفترة خلافاً كبيراً بين الحزبين الأساسيين المتمثلين في الحزب الفيدرالي والحزب الجمهوري الديمقراطي. وعلى الرغم من تواجدها معاً بحكومة الرئيس السابق جورج واشنطن، اختلف العديد من الوزراء بسبب توجهاتهم الحزبية، حيث وجد وزير الخارجية توماس جيفرسون نفسه في نزاعات مستمرة مع وزير الخزانة المنتمي للحزب الفيدرالي ألكسندر هاميلتون حول مسألة تزايد نفوذ الحكومة الفيدرالية والنظام البنكي. فاتجه عام 1791 لإنشاء الحزب الجمهوري الديمقراطي بمساعدة عضو مجلس النواب والسياسي الشهير جيمس ماديسون.
وفي ظل كل هذه الخلافات، تنافس بانتخابات عام 1796 مرشح الحزب الجمهوري الديمقراطي، توماس جيفرسون، ضد مرشح الفيدراليين، جون أدامز. وفاز حينها أدامز بمنصب الرئيس بفارق بسيط عن جيفرسون الذي استاء مناصروه من خسارته.
وطيلة فترة حكم جون أدامز، اختلف الجمهوريون الديمقراطيون مع الفيدراليين حول أغلب المسائل بداية من الضرائب والمسائل الدينية ووصولاً للسياسة الخارجية، حيث أيد أنصار جيفرسون عقد تحالف مع فرنسا ما بعد ثورة 1789 بينما فضّل أنصار أدامز التحالف مع البريطانيين.
انتخابات 1800
في انتخابات عام 1800، عادت هذه الخلافات إلى الواجهة مجدداً. فطيلة الفترة التي سبقت الانتخابات، تراشق كل من جيفرسون وأدامز الاتهامات كما لمّح الجمهوريون الديمقراطيون لسعي الفيدراليين لإنهاء الديمقراطية وإنشاء نظام ملكي شبيه بذلك الموجود لدى البريطانيين.
وقد جاءت نتائج هذه الانتخابات لتؤكد فوز كل من جيفرسون ونائبه آرون بور وهزيمة الرئيس جون أدامز الذي تعيّن عليه تسليم السلطة للفائز.
رحيل أدامز عن واشنطن
قبيل رحيله، أجرى أدامز بعض التعديلات فعيّن جون مارشال رئيس قضاة بالمحكمة العليا. وفي ساعات الصباح الأولى من يوم 4 مارس 1801، استغل أدامز عتمة الظلام ليغادر العاصمة واشنطن باتجاه مسقط رأسه في مدينة كوينسي بولاية ماساتشوستس، مفضلاً بذلك عدم حضور احتفالية تنصيب خصمه جيفرسون التي جرت خلال نفس ذلك اليوم.
وبهذه الطريقة، شهدت الولايات المتحدة أول عملية انتقال سلمية للسلطة عام 1801. وخلال السنوات التالية، اقتاد العديد من الرؤساء بأدامز ورفضوا حضور احتفاليات تنصيب المرشحين الفائزين. فعام 1829، رفض جون كوينسي أدامز حضور حفل تنصيب أندرو جاكسون، وعام 1869 رفض أندرو جونسون حضور فعاليات تنصيب المرشح الفائز وبطل الحرب الأهلية يوليسيس غرانت.