هكذا قتلت مجاعة 9 ملايين هندي خلال عامين

خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1876 و1878، عاش العالم على وقع تغييرات عديدة. فبينما اهتم الأوروبيون بنتائج الحرب الروسية العثمانية التي أسفرت عن هزيمة مذلة للعثمانيين وانتهت بتوقيع معاهدة سان ستيفانو (San Stefano) وعقد مؤتمر برلين واهتم الأميركيون بالجانب الآخر من الكرة الأرضية بالنزاع الجمهوري الديمقراطي الذي أنهى عصر الإصلاح، عاشت بلاد الهند، المستعمرة البريطانية بالهند، على وقع مجاعة استمرت لسنوات وأسفرت عن وفاة ملايين الأشخاص.

النينو وسياسة غذائية بريطانية

إلى ذلك، كانت هذه المجاعة نتيجة لفترة جفاف عصفت بهضبة ديكان بالهند وأتلفت المحاصيل الزراعية. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، مثلت موجة الجفاف هذه جانبا من التقلبات المناخية التي ضربت مناطق واسعة من شرقي آسيا وجنوب القارة الأميركية وإفريقيا بسبب ظاهرة النينو (El Niño) وأسفرت عن وفاة أكثر من 20 مليون شخص كان جلّهم بالهند التي عانت من كثافة سكانية مرتفعة وقلة الموارد الغذائية.

وإضافة لذلك، لعبت السلطات الاستعمارية البريطانية دورا هاما في تعقيد الوضع بالنسبة لسكان الهند. فأثناء تلك الفترة، اتجه الحاكم العام البريطاني اللورد روبرت بولوير ليتون (Lord Robert Bulwer-Lytton) لمواصلة عملية تصدير القمح الهندي نحو لندن جاعلا بذلك المنطقة عرضة لخطر المجاعة تزامنا مع تراجع كمية المحاصيل. وعلى الرغم من نجاحها في وقت سابق في التصدي لمجاعة مماثلة بالهند عن طريق استيراد الأرز من بورما، لم تتمكن السلطات البريطانية ما بين عامي 1876 و1878 من توفير الغذاء الكافي لسكان الهند بسبب سياسة الحد من النفقات ومستلزمات الرفاهية. وأثناء السنوات الفارطة، انتقدت السلطات البريطانية بشكل لاذع حكومة البنغال ونائب الحاكم السير ريتشارد تمبل (Richard Temple)، الذي كان مسؤولا عن شؤون المجاعات بالهند، بسبب سياسة الإغاثة التي قدّم من خلالها العديد من الوجبات والمساعدات الغذائية للفقراء. وأملا في إرضاء المسؤولين بلندن، خفّض تمبل من الحصص الغذائية المقدمة وجعل شروط الحصول عليها أكثر صرامة مهددا بذلك حياة عدد كبير من الفقراء.

مجاعة ووباء

إلى ذلك، أثارت عملية تقليص حجم الحصص الغذائية المقدمة للهنود غضب العديد من المسؤولين البريطانيين بإقليم مدراس (Madras) وعلى رأسهم الطبيب وليام روبرت كورنيش (William Robert Cornish) الذي أكد على إمكانية وفاة كثير من الهنود بسبب تراجع كميات البروتينات والفيتامينات المقدمة إليهم. ومع تفشي المجاعة مطلع العام 1877، فضّل المسؤولون البريطانيون بمدراس تجاهل تصريحات ريتشارد تمبل، الذي وصف المجاعة بأنها تحت السيطرة، وعمدوا لزيادة حجم الحصص الغذائية اليومية المقدمة للهنود.

وخلال النصف الثاني من العام 1878، تعكرت الوضع أكثر بالهند حيث شهدت البلاد انتشار مرض الملاريا الذي أجهز على عدد كبير من الهنود الذين عانوا من سوء التغذية وافتقروا للكميات الكافية من البروتينات والفيتامينات.

سياسة فاشلة وملايين الضحايا

بناء على تقارير تلك الفترة، أسفرت مجاعة الهند ما بين عامي 1876 و1878 عن وفاة ما بين 5 و9 ملايين شخص وأدت فيما لموجات هجرة جماعية لعدد كبير من الفلاحين الذين فضّلوا الانتقال لمناطق أخرى أكثر خصوبة بالمستعمرات البريطانية القريبة.

وأملا في عدم تكرار هذه المأساة، وضعت السلطات البريطانية جملة من القوانين والقواعد لمواجهة المجاعات بالهند كما شكّلت سنة 1880 لجنة لمكافحة خطر تفشيها مستقبلا. وخلال السنوات التالية، اثبتت هذه السياسة البريطانية فشلا ذريعا آخر حيث عاشت الهند على وقع مزيد من المجاعات كانت أهمها في خضم الحرب العالمية الثانية عندما فتكت المجاعة عام 1943 بملايين من الهنود.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: