هكذا قطع زعيم الصين 12 ألف كلم هرباً من القوميين

مع فرار الحزب القومي الصيني المعروف بالكومينتانغ (Kuomintang) نحو جزيرة تايوان، أعلن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ انتصاره بالحرب الأهلية معلنا يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر 1949 عن قيام جمهورية الصين الشعبية على أراضي الصين القارية.

قبل هذا النجاح العسكري والسياسي، مرّ الشيوعيون الصينيون بفترات عصيبة كانت أهمها 1935 حيث اضطروا حينها، عقب تلقيهم خسائر عسكرية جسيمة على يد القوميين، للسير لمسافات طويلة نحو منطقة شنشي (Shaanxi) هربا من قوات شيانغ كاي شيك (Chiang Kai-shek).

حرب ضد القوميين

وقد ولد ماو تسي تونغ يوم 28 كانون الأول/ديسمبر 1893 بمنطقة خونان (Hunan) لعائلة ثرية امتهنت الفلاحة منذ فترة طويلة. وأثناء شبابه، شارك ماو تسي تونغ بالحركة الطلابية ليوم 4 أيار/مايو 1919 وساهم في تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921. وخلافا للحزب الشيوعي السوفيتي الذي ارتكز أساسا على العمال لإنجاح تحركاته بروسيا، فضّل ماو تسي تونغ التوجه نحو الفلاحين بالحقول بسبب الحالة الاجتماعية بالصين التي لم توجد بها طبقة عمالية كبيرة بالمدن حينها.

وفي حربه ضد القوميين، تعرّض الحزب الشيوعي الصيني خلال الثلاثينيات لهجوم شنّه أفراد الكومينتانغ الذي قاده سابقا الرئيس سون يات سين (Sun Yat-sen) قبل استلام شيانغ كاي شيك لزمام الأمور. وأمام هذا الوضع، فضّل الشيوعيون الفرار نحو الشمال لإعادة ترتيب صفوفهم.

إلى ذلك، انقسم الشيوعيون، الذين قدّر عددهم بنحو 130 ألف عنصر، لثلاث مجموعات مسلحة وحاولوا اعتماد طرق عديدة لتجنب القوميين أملا في بلوغ الشمال الغربي للبلاد.

رحلة استغرقت 368 يوما

وفي غضون ذلك، تواجد ماو تسي تونغ ضمن مجموعة كبيرة تكونت من نحو 90 ألف مقاتل شيوعي. وقد انطلقت هذه المجموعة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1934 من منطقة جيانغشي (Jiangxi) وتمكنت من بلوغ زونيي (Zunyi) منتصف يناير 1935. وفي خضم هذه الأحداث، تمكن ماو تسي تونغ من كسب ثقة تشو إنلاي (Zhou Enlai) المصنّف كأحد أهم قادة الطبقة العمالية بمنطقة شانغهاي.

وواصلت مجموعة ماو تسي تونغ سيرها على الأقدام متحملة هجمات القوميين التي استخدمت خلالها المدفعية والطائرات. من ناحية أخرى، أجبر الشيوعيون على السير لمسافة قدرت بحوالي 40 كلم يوميا متحملين التضاريس الوعرة وناقلين على أكتافهم كميات كبيرة من العتاد العسكري. فبناء على مصادر تلك الفترة، حمل كل مقاتل شيوعي نحو 20 كلغ من المعدات على ظهره وواجه خطر الموت إما بسبب التعب أو الجوع أو المرض.

بدعم من تشو إنلاي، انتخب ماو تسي تونغ خلال شهر شباط/فبراير 1935 رئيسا للجنة المركزية للحزب الشيوعي. وبسبب خلاف داخل الحزب، انقسمت القوات بين مساندة لماو تسي تونغ وأخرى مؤيدة لجانغ غوتاو (Zhang Guotao). وبدلا من مواصلة الطريق مع جيوش ماو تسي تونغ، فضّل غوتاو التوجه غربا لتتعرض قواته لإبادة على يد القوميين.

يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر 1935، بلغ ماو تسي تونغ منطقة شنشي عقب رحلة استغرقت 368 يوما قطعت خلالها قواته حوالي 12 ألف كلم. ومع وصوله لشنشي، امتلك ماو تسي تونغ ما يقارب 20 ألف عسكري وهو الرقم الذي يعادل نحو خمس القوات التي رافقته مع بداية رحلته الطويلة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: