5 تحديات لخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة الحرارية

على الرغم من أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تلعبان دورًا مهمًا في حل مشكلة الاحترار العالمي، إلا أن التقنيات المتجددة بمفردها قد لا توفر الطاقة لقطاعات صناعية عدة؛ مثل صناعة الصلب.

وينطوي نحو 90% من استخدامات الطاقة في العالم على توليد الحرارة أو معالجتها، ومنها تبريد المباني والأطعمة. وللحفاظ على نشاط الاقتصادات الحديثة وتنمية اقتصاد الدول النامية، مع التخفيف من أثر ذلك على البيئة والمناخ، لا بد من التقدم في خمس مجالات متعلقة بكيفية تحويل الطاقة الحرارية وتخزينها ونقلها، وفق بحث حديث أجراه باحثون من جامعة ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتقنية ومختبر لورانس بيركلي، ونشرته مجلة نيتشر إنيرجي.

ونقل موقع تك إكسبلور، عن أرون ماجومدار، أحد المؤلفين الثلاثة للدراسة وأستاذ الهندسة الميكانيكية، أن «التقنيات المتجددة الحديثة تمثل مصدر الكهرباء الأقل تكلفة بين مصادر الطاقة المتوفرة اليوم، إلا أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح متقطعة وتلبي جزءًا صغيرًا من الطاقة التي يحتاج إليها العالم، ونريد زيادة تلك النسبة.

لكن الأجدر بنا كذلك إيجاد وسيلة لتجاوز مشكلة التقطع في مصادر الطاقة المتجددة، وقد تمثل الحرارة حلًا للمشكلة. ومن هذا المنطلق، علينا خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة الحرارية واستخدام الحرارة لتخزين الكهرباء الناتجة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فنحصل بالتالي على مصدر ثابت ومستمر للكهرباء.»

وتؤكد الدراسة على الحاجة الملحة للبحث وتطوير تقنيات حرارية قادرة على الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، بمقدار جيجاطن واحد على الأقل، ما يمثل نحو 3% من الحصة السنوية للانبعاثات في قطاع الطاقة.

فإذ نجحنا في خفض الانبعاثات الكربونية حتى الصفر في قطاع الطاقة الكهربائية، عندئذ سينخفض إجمالي الانبعاثات الناتجة عن أنشطة بشرية بنسبة 25%.

الحرارة كوسيلة لتخزين الطاقة

أحد التحديات الرئيسة في الهندسة الحرارية يتمثل في تخزين فائض طاقة الرياح والطاقة الشمسية كطاقة حرارية لأيام عدة، ثم تحويلها مرة أخرى إلى كهرباء عند الحاجة، إذ تستدعي المساعي الرامية إلى توليد نسبة 70% من كهربائنا من مصادر متجددة حلولًا كبيرة في تخزين الكهرباء، وأكثر الحلول شيوعًا هي حلول التخزين الكهرمائي، لكنها مقيدة مكانيًا، أما بطاريات أيون الليثيوم الشهيرة، فهي باهظة الثمن جدًا عند استخدامها لتخزين فائض الطاقة لأيام عدة.

وقال رافي براشر، أحد مؤلفي الدراسة والمدير المعاون لمختبر تقنيات الطاقة في مختبر لورانس بيركلي «تكمن الميزة الرئيسة لتخزين الطاقة الحرارية في التكلفة المنخفضة عند الاستخدام على نطاق واسع. ومع أن تحويل الكهرباء إلى حرارة سهل نسبيًا، يتمثل التحدي الرئيس في كفاءة التحويل؛ أي تحويل الطاقة بشكل تام دون هدر أو ضياع.»

وعند الحديث عن إنتاج التقنيات على نطاق واسع، خلص الباحثون إلى أن عديدًا من تقنيات تخزين الطاقة الحرارية، ما زالت في مراحلها الأولى، لذلك يجب الاستمرار في البحث عن تقنيات حديثة وآليات تخزين حراري أخرى.

وقال الأستاذ الدكتور ماجومدار، المدير المؤسس لمعهد بريكورت للطاقة في ستانفورد «على الرغم من أن الكفاءة قد تتراوح بين 50 إلى 60% فقط، قد تبقى التكاليف ضمن الإطار المطلوب؛ أي أقل من 10 دولارات للكيلوواط الساعي.»

الصناعة

ويكمن التحدي الرئيس الثاني في توليد الحرارة القصوى اللازمة خلال العمليات الصناعية؛ مثل صناعة الإسمنت والصلب والألمنيوم والهيدروجين، إذ تسهم انبعاثات القطاع الصناعي في أكثر من 15% من الانبعاثات العالمية، ويرتبط معظمها بتوفير الحرارة عند درجات حرارة تتراوح من 100 إلى 1000 درجة مئوية.

ووفقًا للتحاليل، مع الانخفاض السريع في مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين عديم الانبعاثات، قد يتوجه القطاع الصناعي نحو خفض انبعاثاته الكربونية باستخدام إما أجهزة التسخين بالمقاومة الكهربائية أو بالاحتراق الهيدروجيني، لكن تلك المساعي مليئة بالتحديات الهندسية والنظرية. لذلك عند تخزين الكهرباء المتقطعة المستمدة من مصادر متجددة، تبرز الحاجة إلى تطوير إما منشآت رخيصة لتخزين الحرارة العالية أو مراجل ذات معامل حمل منخفض.

التبريد

والتحدي الثالث يكمن في مشكلات التبريد، إذ يسعى الباحثون لابتكار وتطوير مبردات طعام وأجهزة تكييف، دون تسريب مركبات الهيدروفلوروكربون، وهي مجموعة من غازات الدفيئة شديدة القوة؛ وقال ماجومدار إن «المبردات الجديدة الناجحة يجب أن تكون غير قابلة للاشتعال وغير سامة وبأسعار معقولة، وكذلك يفضل أن تشكل حلولًا سهلة الاستخدام لأنظمة اليوم.»

وقال الأستاذ الدكتور براشر إن «مع انتشار أجهزة التبريد والتكييف في الاقتصادات النامية، وفي عديد من تلك الدول، يعزى الطلب المتزايد على تلك الأجهزة إلى الحاجة إلى خفض الرطوبة والحرارة، وهو ما يجب أن يتوفر في المبردات الجديدة، لذلك قد تطور التقنيات الجديدة بمزيتين منفصلتين عن بعضهما، الأولى التبريد، والأخرى إزالة الرطوبة.»

انتقال الحرارة داخل الأبنية

عمليات التدفئة وتسخين المياه في المباني السكنية والتجارية مسؤولة عن أكثر من 6% من انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة، لذلك تبرز الحاجة إلى مواد بناء مبتكرة قادرة على توصيل الحرارة وعزلها وعند الحاجة، ما يخفض الطاقة المستهلكة في التدفئة والتبريد. إذ وجد الباحثون أن القدرة على التحكم في الموصلية الحرارية في هيكل المبنى، قد تقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بين 10 إلى 40%، ما يمثل تحديًا آخر يستحق التصدي له.

انتقال الحرارة لمسافات طويلة

وتبرز أيضًا مشكلة نقل الحرارة لمسافات طويلة، دون فقدان كثير من الطاقة، ويتحقق ذلك حاليًا باستخدام البخار، لكن هذه الطريقة لم تطبق على نطاق واسع أو لمسافات طويلة. ما يُبرِز الحاجة إلى تطوير المكافئ الحراري لخط الطاقة الكهربائية، وتحقق ذلك فعلًا بعد اكتشاف الموصل الحراري الفائق، لكن التطبيق العملي لنشره على نطاق واسع ليس واضحًا بعد.

ووفقًا للباحثين، قد تفتح آفاق جديدة كذلك إن اكتشفت سوائل جديدة قابلة للضخ ذات تفاعلات كيميائية قابلة للعكس، ما يتيح نقل الطاقة كيميائيًا وليس حراريًا.

وقال ماجومدار «لا يمكن التخلص من الانبعاثات الكربونية تمامًا دون تحقيق إنجازات بارزة في العلوم والهندسة الحرارية، لكن اهتمام الباحثين والممولين لم يتركز في ذلك، ونأمل أن تفتح تحاليلنا أعين الباحثين في مجالات البحث والتطوير.»

The post 5 تحديات لخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة الحرارية appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: